فإرسالُهُ للحديثِ يُعتبَرُ علةً للموصولِ، ولذا قال ابنُ عَدِي:"وأمَّا حديثُ الصدقاتِ فله أصلٌ في بعضِ ما رواه مَعْمَرٌ، عن الزُّهْريِّ، عن أبي بكر بن محمد بن عَمرو بن حَزْم، فأفسدَ إسنادَهُ، وحديثُ سُلَيمانَ بنِ داودَ مُجوَّدُ الإسنادِ" اهـ. (الكامل ٣/ ٢٧٥).
ويتقوَّى هذا بأن المحفوظَ عن الزُّهْريِّ في هذا الحديثِ إرسالُهُ، وهذه هي:
العلةُ الثانيةُ: الإرسالُ، وقد أشارَ النَّسائيُّ في (سننه) إلى هذه العلةِ؛ فقال -بعدَ أن رَجَّحَ أنه من روايةِ ابنِ أَرْقمَ-: "وقد روَى هذا الحديثَ يونسُ عن الزُّهْري مرسَلًا".
ثم ساقه بإسنادِهِ (٤٨٥٥) من طريقِ يونسَ بنِ يزيدَ الأَيْليِّ، ومن طريقِ سعيد بنِ عبد العزيز التَّنُوخيِّ (٤٨٥٦)، عن ابنِ شِهابٍ، قال:((قرأتُ كتابَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الذي كتبَ لعَمرِو بنِ حَزْمٍ حينَ بعثه على نَجْرانَ، وكان الكتابُ عند أبي بكر بنِ حَزْم ... ))، وساقَ الحديثَ مرسَلًا مختصرًا.
ورواه أبو داودَ في (المراسيل ٩٤) من طريقِ شُعيبِ بنِ أبي حمزةَ، عن الزُّهْريِّ، به مرسَلًا.
قال أبو داودَ:"أُسنِدَ هذا، ولا يصحُّ" اهـ.
قلنا: وشُعيبُ بنُ أبي حمزةَ من أثبتِ الناسِ في الزُّهْريِّ، والتَّنُوخيُّ ثقةٌ إمامٌ، وكذلك يونسُ، فروايتُهم عن الزُّهْريِّ أَوْلى بالتصويبِ؛ فعادَ الحديثُ إلى كوْنِه مرسَلًا، فالموصولُ منكَرٌ مع ضَعْفِ إسنادِهِ.
قال الطَّحاويُّ: "ومما يدُلُّ أيضًا على وَهَاءِ هذا الحديثِ: أن أصحابَ الزُّهْريِّ المأخوذَ علْمُه عنهم مثْل: يونسَ بنِ يزيدَ، ومَن روَى عن الزُّهْري