كان يفعلُ الأمرين لبيان الجواز. وبهذا جمَع ابنُ قُتَيْبةَ في اختلاف الحديث، ويؤيِّده ما رواه هُشَيْم، عن عبد الملك، عن عطاء، عن عائشة رضي الله عنها، مِثْلَ روايةِ أبي إسحاقَ عن الأَسْود، وما رواه ابن خُزَيمةَ وابنُ حِبَّانَ في (صحيحيهما) عنِ ابنِ عُمرَ رضي الله عنهما، أنه سَأَلَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم: أَينامُ أحدُنا وهو جُنُبٌ؟ قال:((نَعَمْ، وَيَتَوَضَّأُ إِنْ شَاءَ))، وأصْلُه في (الصحيحين) دون قولِه: ((إِنْ شَاءَ)) " (التلخيص ١/ ١٤١).
قلنا: أمَّا روايةُ عطاء عن عائشةَ، فردَّها أحمدُ بأن رواية عطاء عن عائشةَ لا يُحتجُّ بها إلا أن يقول: "سمِعتُ"، قال: "ولو قال في هذا: سمِعتُ؛ كانت تلك الأحاديثُ أقوى" (شرح مُغْلَطاي (٢/ ٣٦٦).
ولعطاء في هذا الباب عن عائشةَ رضي الله عنها روايتان:
إحداهما: بنحو رواية الباب، وهي معلولة كما سيأتي.
والثانية: في اغتساله منَ الجنابةِ بعد طلوع الفجر وهو صائم، وسيأتي تخريجُها وبيانُ أنها غيرُ رواية الباب، ففي الاستشهاد بها نظرٌ، كما سيأتي.
وكلتا الروايتين من رواية العَرْزَمي عن عطاءٍ، لكن ذكر مُغْلَطاي أن الروايةَ التي ردَّها أحمدُ من روايةِ عبدِ الملكِ بنِ عُمَيْر. فالله أعلم.
وأمَّا حديثُ ابنِ عُمرَ رضي الله عنهما فهو من توجيه النبي صلى الله عليه وسلم لعُمرَ ولأُمَّته، وهذا غيرُ حديث الباب الذي هو في بيان فعل النبي صلى الله عليه وسلم، هل نام بلا وُضوء أم لا؟
وقال الحافظُ ابنُ رجبٍ: "وأما الفقهاءُ المتأخرون فكثيرٌ منهم نظر إلى ثقة رجاله، فظنَّ صحتَه، وهؤلاء يظنُّون أن كلَّ حديثٍ رواه ثقة فهو صحيح، ولا يتفطنون لدقائق علم علل الحديث، ووافقهم طائفةٌ من المحدِّثين المتأخرين: كالطَّحاوي، والحاكمِ، والبَيْهَقي" (فتح الباري لابن رجب ٢/ ٦١).