فرواه أبو قيس هكذا:((أَنَّ عَمْرَو بنَ العَاصِ كَانَ عَلَى سَرِيَّةٍ ... ))، وأبو قيس هذا -بلا خلاف- من التابعين، فليس له صحبةٌ، ولا رواية، وقد سمع عمرو بن العاص.
فهل تحمل صيغة التحمل "أن" على صيغة "عن" في الحكم؟
الصحيح في ذلك التفصيل:
قال العراقيُّ:((وتقرير هذه القاعدة: أن الراوي إذا روى حديثًا فيه قصة أو واقعة، فإن كان أدرك ما رواه، بأن حكى قصة وقعت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين بعض الصحابة، والراوي لذلك صحابي أدرك تلك الواقعة؛ فهي محكومٌ لها بالاتصالِ وإن لم يُعلم أنه شاهدها. وإن لم يدركْ تلك الواقعة فهو مرسلُ صحابيٍّ. وإن كان الراوي تابعيًّا، فهو منقطعٌ، وإن روى التابعيُّ عن الصحابيِّ قصةَ أدرك وُقوعها كان متصلًا، وإن لم يدركْ وقوعها، وأسندها إلى الصحابيِّ كانتْ متصلة، وإن لم يدركْها، ولا أسند حكايتها إلى الصحابيِّ فهي منقطعةٌ ... إلى أن قال: وقد حَكَى أبو عبد الله بن المواق اتِّفاق أهل التمييز من أهل الحديث على ذلك في كتابه (بُغية النُّقاد))) (شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢٢٤).
وكلامُ ابنِ المواقِ هذا ذكره في حديث عبد الرحمن بن طرفة أن جدَّه عرفجة بن أسعد قُطع أنفه يوم الكُلاب ... الحديث، قال -عقبه-: ((وهو أمرٌ بَيِّنٌ لا خِلافَ بين أهلِ التمييزِ من أهل هذا اللسان في انقطاع ما يُروى كذلك وإرساله، إذا عُلم أن الراوي لم يدركْ زمان القصة، كما في هذا الحديث والذي قبله ... )) (بغية النقاد النقلة ١/ ١٠)، إلى آخر كلامه.