٣ - ولعلَّ من أسباب زيادة هذه اللفظة رواية الحديث بالمعنى؛ لأَنَّ احتمال دخول الخطأ والغلط في الرواية بالمعنى أقوى منه من الرواية باللفظ؛ فإن قوله:((أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا))؛ فَهِمَ منه كثيرٌ من أهل العلم أن هذا حكم الجامد؛ لأَنَّ المائعَ ليس له حول؛ فقال الإمام مالك بإثره:((يعني: إذا كان جامدًا فماتت فيه، أما إذا ماتت فيه وهو ذائب فلا يُؤكل)) (الموطأ برواية ابن زياد ١٠٧). وفي هذا دليل آخر على خطأ رواية من رواه عن مالك بزيادة:((جَامِدٍ))؛ لأنها لو كانت موجودة في النصِّ لديه، لم يحتج أن يقول:((يعني: إذا كان جامدًا))، والله أعلم.
وقال ابنُ العربي:((قال المفسرون: قوله: ((أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا)) يدلُّ على أنه جامد، إذْ لو كان مائعًا لما كان حول)) (عارضة الأحوذي ٧/ ٣٠١).
بل نقل بعضُهم الإجماعَ على ذلك؛ فقال ابن بطال:((والعلماء مجمعون أن هذا حكم السمن الجامد تقع فيه الميتة أنها تلقى وما حولها ويُؤكَلُ سَائره)) (شرح صحيح البخارى ٥/ ٤٥١).
وقال العيني:((قوله: (أَلْقُوهَا) يدلُّ على أن السَّمْنَ كان جامدًا ... وقامَ الإجماعُ على أن هذا حُكم السمن الجامد)) (عمدة القاري ٢١/ ١٣٨).
[تنبيهان]:
الأول: أخرج ابنُ الجوزي الحديثَ من طريق الأوزاعيِّ، عن الزُّهريِّ، عن عبيد الله به، وذكر في متنه لفظة:((سَمْنٍ جَامِدٍ))، ثم قال:((انفرد بإخراجه البخاري)) (التحقيق ١٤٧٠).
وتعقبه ابن عبد الهادي؛ فقال: ((هذا الحديث لم يخرجه البخاري من حديث الأوزاعي، إنما رواه من حديث سفيان وغيره عن الزُّهريِّ، وليس عنده: