للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عدم الفرْق بين الذائب والجامد؛ فلأنه لم يُذْكَرْ في اللفظ الذي استدلَّ به، وهذا يقدح في صحة من زاد في هذا الحديث عنِ الزُّهريِّ التفرقة بين الجامد والذائب ... ؛ لأنه لو كان عنده مرفوعًا ما سَوَّى في فَتْوَاه بيْن الجامدِ وغير الجامد، وليس الزُّهريُّ ممن يُقالُ في حَقِّهِ لعلَّه نَسِيَ الطريقَ المفصلةَ المرفوعةَ؛ لأنه كان أحفظَ الناس في عصره فخَفاءُ ذلك عنه في غاية البُعدِ)) (الفتح ٩/ ٦٦٩).

٢ - أن الغالب على سَمْنِ الحِجَازِ أن يكونَ مائعًا، وكونه جامدًا نادر، والسؤال في الغالب لا يقعُ إِلَّا على الغالب.

قال ابن تيمية: ((ذكر البخاري رضي الله عنه هذا ليبين أن مَن ذَكَرَ عنِ الزُّهري أنه رَوى في هذا الحديث هذا التفصيل فقد غَلِطَ عليه؛ فإنه أجاب بالعموم في الجامد والذائب مُستدلًا بهذا الحديث بعينه، لا سيَّما والسمن بالحجاز يكون ذائبًا أكثر مما يكون جامدًا؛ بل قيل: إنه لا يكون بالحجاز جامدًا بحال، فإطلاق النبي صلى الله عليه وسلم الجوابَ من غير تفصيل يوجب العموم إذِ السُّؤالُ كالمعاد في الجواب فكأنه قال: إذا وقعت الفأرة في السمن فألقوها وما حولها وكلوا سمنكم)) (مجموع الفتاوى ٢١/ ٥٢٧).

وقال ابن عبد الهادي: ((الغالب على سمن الحجاز أن يكون مائعًا، وكونه جامدًا نادر، والسؤال في الغالب لا يقع إِلَّا على الغالب، ولأن حكم الجامد ظاهر، وإنما المشكل المائع، فالظاهر أن السؤال كان عنه، أو عن أعمِّ منه، فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يستفصل، والله أعلم)) (تنقيح التحقيق ٤/ ٨١).

وبنحو هذا قال ابن قدامة في (المغني ١/ ٢٩)، وابن مفلح في (المبدع في شرح المقنع ١/ ٢١١).