وأما الشيخُ الألبانيُّ فذهبَ إلى تصحيح الرواية المرفوعة، فقال: "إبراهيمُ بنُ طهمانَ ثقةٌ حجةٌ، وقد زادَ الرفعَ؛ فهو منه مقبولٌ؛ لا سيما وأصلُ الحديثِ مرفوعٌ"! (صحيح أبي داود ٢/ ١٤٢).
قلنا: وفي الحديثِ علةٌ أُخْرَى ذكرها الدارقطنيُّ فقال: "أبو مالك في سماعه من عمَّارٍ نظر؛ فإن سلمة بن كهيل قال فيه: عن أبي مالك، عن ابن أبزى، عن عمار، قاله الثوريُّ عنه" (السنن ١/ ٣٣٨).
ولكن قول الدارقطني: "في سماعه من عمار نظر" لا يُسلَّم له؛ لأمور:
منها: أنه في طريق شعبة صرَّح أبو مالك بسماعه من عمَّارٍ؛ ولذا قال يحيى بنُ مَعينٍ: "في حديث أبي مالك، قال: رأيتُ عمَّارًا. قال أبو الفضل الدوريُّ: قلتُ له: تُراه رآه؟ قال: هكذا قال شعبة" (سؤالات الدوري ٢٤٧٣).
وقال أبو حاتم: "ولو لم يعلم شعبة أنه سمع من عمار، ما كان شعبة يرويه" (العلل ١/ ٤٥١)
وجزم بسماع أبي مالك من عمار- أبو زرعة في (بيان خطأ البخاري ٧٧١).
ومنها: أن رواية سلمة بن كهيل التي احتجَّ بها الدارقطنيُّ لا يُعولُّ عليها كثيرًا؛ نظرًا لاضطراب سلمة في رواية هذا الحديث، كما سيأتي بيانُه قريبًا.
ولذا قال ابنُ رجبٍ: "قال أبو حاتم: "يحتمل أنه سمعَ منه"(فتح الباري ٢/ ٢٤٨).