وبِناء عليه قال ابنُ الملقنِ:"وقد رواه إبراهيم بن إسحاق الحربي، عن أبي نعيم (١)، عن (عزرة) كما أسلفنا ذلك عن رواية الحاكم وتصحيحه، فلم ينفرد عثمان به"(البدر المنير ٦/ ٦٤٩).
فجعلها متابعة لرواية عثمان عن حرمي المتقدمة، وقَوَّى بها الحديث، نظرا للخطأ الناتج عن فهم السياق.
وقال الكشميريُّ:"والذي يقعُ في الخاطرِ أَنه مرفوع، ومَن صوَّب وَقْفَه إنَّما حمله على ذلك إرجاعُ الضميرِ إلى جابرٍ رضي الله عنه. وعندي مرجعه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وإنما ينقل جابر رضي الله عنهما كان جَرَى بين النبيِّ صلى الله عليه وسلم وبين هذا الرجل من القصة"(فيض الباري ١/ ٥٢٤).
وقال في (العَرْف الشذي ١/ ١٦٤): "وقال جماعةٌ من المحدثين: إن روايةَ جابرٍ موقوفةٌ، وقالتْ جماعةٌ منهم: إنها مرفوعةٌ، ووقفها الطحاوي، وعندي أنها مرفوعة، واختلطَ على المُوقِفِينَ لفظ ((أَتَاه)) فإنهم زعموا أن مرجعَ الضمير المنصوب هو جابر بن عبد الله، والحال أن المرجع هو النبي صلى الله عليه وسلم كما قال الحافظُ العينيُّ".
قلنا: كلامهم هذا مردود لأمرين:
الأول: أن الحديثَ رواه الدارقطنيُّ من نفسِ طريقِ الحاكمِ، فذكر رواية حرمي المرفوعة، ثم قال عقبها:"رجاله كلهم ثقات، والصواب موقوف"، ثم أسند رواية أبي نعيم بمثل رواية الحاكم، فلم يفهم منه الرفع كما فهم من تقدم، وكذا رواه البيهقيُّ عن شيخه الحاكم، فقال عقبه: "كذا قاله،
(١) تصحَّفَ في مطبوع (البدر) إلى: "إبراهيم"، وأشار محققو الكتاب لتصحيفها في الحاشية.