وإسناده صحيح إلا أنه لم يُبَيِّن الآمر له بذلك" (السنن الكبير ٢/ ١٣٦) أي أن الحاكم صَحَّحَ إسنادَه ولم يُبينْ هل هو مرفوع أم موقوف.
قلنا: ويرفع هذا الإشكال برد هذه الرواية المشكلة إلى رواية أخرى أكثر منها بيانًا، وقد رواها أبو نعيم نفسُه من كتاب الصلاة، ولفظها: عن أبي الزبير عن جابر قال: ((ضَرَبَ بِيَدِهِ الأَرْضَ، فَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ الأُخْرَى، فَمَسَحَ يَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا التَّيَمُّمُ)).
أي: وَصَفَ أبو الزبير كيفية تيمم جابر بفعله، وتابعه على هذه الرواية: وكيعٌ في (المصنَّف) لابن أبي شيبة كما سبقَ.
وفي روايةِ ابنِ المباركِ أن:((رجلًا سأله فقال ... )).
والنبيُّ صلى الله عليه وسلم ليس له ذِكرٌ مسبقٌ في هذه الرواية ولا في رواية وكيع ولا أبي نعيم المتقدمتين، حتى نقول: إن الضمير فيها يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ولذا تعقب المباركفوريُّ الكشميريَّ فقال: "قوله: (إن المرجعَ هو النبيُّ صلى الله عليه وسلم، باطلٌ جدًّا فإنه ليس في هذه الروايةِ ذِكرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أصلًا، لا قبلَ الضميرِ ولا بعده؛ ولذلك لم يقلْ به أحدٌ من المحدثين بل أو قفوه وأرجعوا الضمير إلى جابرٍ.
وقوله: (كما قال الحافظُ العينيُّ) ليس بصحيحٍ فإن العينيَّ لم يقلْ به، بل قال في (شرح البخاري) -بعد ذكر حديث جابر المرفوع- ما لفظه: وأخرجه الطحاويُّ وابنُ أبي شيبةَ موقوفًا" (تحفة الأحوذي ١/ ٣٧٨).
الأمر الثاني: أن العلماءَ رجَّحُوا الوقفَ ولم يفهموا منه الرفع، فتقدم قولُ الدارقطنيِّ: "والصواب موقوف"، وبنحوه قال ابنُ عبدِ الهادِي في (تعليقه على العلل لابن أبي حاتم صـ ١٧٨).