قلنا: ومَن سماهم ابنُ أبي حاتم ومعهم الليث ومعمر- هؤلاء ثقات أثبات حفَّاظ، فليس من المعقول اجتماع هؤلاء على الخطأ، وقد قال النسائيُّ -في (الكبرى)، بعد أن ذكر رواية صالح ورواية مالك-: ((وكلاهما محفوظٌ))؛ وذلك لأن صالحًا ثقةٌ ثبتٌ، وقد تُوبع عليه، فعلى هذا رواية يونس ومَن معه أَوْلى بأن تكون محفوظة؛ إذ هم أكثر عددًا وأتقنُ تثبُّتًا وحفظًا.
وهذا المسلكُ -وهو أن جميعَ الوجوهِ محفوظةٌ عن الزهريِّ- أصحُّ وأولى مما قاله أبو زرعة وأبو حاتم؛ حتى لا نُوهِّم الثقاتَ الحفَّاظَ بلا دليلٍ، والله أعلى وأعلم.
وعلى هذا فيكون الاضطراب فيه من الزهري.
قلنا: أما الاضطرابُ في المتنِ، فقد تقدَّم اختلافُ أصحابِ الزهريِّ في ذكرِ عددِ الضرباتِ في التيممِ، وكذا في ذكر المناكب من عدمها، والله أعلم.
قلنا: نظرًا لهذا الاختلافِ الشديدِ على الزهريِّ في السند والمتن- قد أعلَّه جماعةٌ بذلك.
فقال الإمامُ أحمدُ:"ليس بشيء"، وقال:"اختلفوا في إسنادِهِ" كما في (فتح الباري ٢/ ٢٥٢ لابن رجب).
وأشارَ لذلك أبو داود في (سننه ١/ ٨٦ - ٨٧)، والبزارُ في (مسنده ٤/ ٢٢١).
وقال ابنُ عبدِ البرِّ:"أحاديثُ عمارٍ في التيممِ كثيرةُ الاضطرابِ، وإن كان رواتُها ثقاتٌ"(الاستذكار ٣/ ١٦٥).