للنبيِّ صلى الله عليه وسلم بعده مخالف فهو ناسخٌ له" (اختلاف الحديث، صـ ٧٤).
وفي (السنن الكبير للبيهقي) قال: "قال الشافعيُّ رحمه الله تعالى في حديث عمار بن ياسر هذا: إن تيممهم إلى المناكب بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو منسوخ لأن عمارًا أخبر أن هذا أول تيمم كان حين نزلت آية التيمم، فكل تيمم كان للنبي صلى الله عليه وسلم بعده فخالفه فهو له ناسخ" (السنن الكبير ٢/ ١٤٠).
قال ابنُ رجبٍ: " وكذا ذكر أبو بكر الأثرم وغيره من العلماء" (فتح الباري ٢/ ٢٥٢).
وقال ابنُ حِبَّانَ: "كان هذا حيثُ نزلتْ آيةُ التيممِ قبل تعليم النبي صلى الله عليه وسلم عمَّارًا كيفية التيمم، ثم عَلَّمه ضربة واحدة للوجه والكفين، لما سأل عمار النبي صلى الله عليه وسلم عن التيمم" (صحيح ابنِ حِبَّانَ ١٣١٠).
وممن ذهبَ إلى النسخِ -أيضًا- الحازميُّ في (الاعتبار صـ ٥٩) فقال: "حديثُ عمارٍ لا يخلو إما أن يكون عن أمر النبيِّ صلى الله عليه وسلم أو لا؛ فإن لم يكن من أمره فقد صَحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافُ هذا، ولا حجةَ لأحدٍ مع كلامِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم والحقُّ أحق أن يتبع، وإن كان عن أمرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فهو منسوخٌ، وناسخُه أيضًا حديثُ عمارٍ.
قلنا: هذا الكلامُ من الشافعيِّ رحمه الله مقبولٌ لو صَحَّ الحديثُ، فكيف وقد اضطرب في إسناده ومتنه كما تقدم، وأنكره العلماء على الزهري؟ !
أما الوجه الثاني من الجمع فهو ما ذهب إليه ابن راهويه وجماعة: ((أن حديثَ التيممِ إلى المناكبِ والآباطِ- ليس بمخالف لحديث الوجه والكفين؛ لأن عمارًا لم يذكر أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمرهم بذلك، وإنما قال: فعلنا كذا وكذا، فلما سأل النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالوجه والكفين، فانتهى إلى ما عَلَّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم