وقد تعقب الحافظُ على ابنِ القطانِ في توثيقِ العجليِّ فقال: "ومدارُ طريقِ خالدٍ على عمرِو بنِ بُجْدانَ، وقد وَثَّقَهُ العجليُّ، وغَفَلَ ابنُ القطانِ فقال: إنه مجهولٌ" (التلخيص ١/ ١٥٤).
قلنا: لم يغفلِ ابنُ القطانِ، وإلا فقد قال الحافظُ نفسُه: "لا يُعرفُ حالُهُ" (التقريب ٤٩٩٢). ونَقَلَ عن الذهبيِّ أنه قال: "مجهولُ الحالِ"، فنحن لا نخالف ابن القطانِ في القول بأن ابنَ بجدان غير معروف، وقد سبقه إلى ذلك الإمامُ أحمدُ كما ذكرناه، ولكن نخالفه في رَدِّ حديثه لمجرد عدم المعرفة بحاله؛ لأن حكمَ المجهولِ ليس سواء في كلِّ حالةٍ، فالمجهولُ الذي يَروي عن الصحابةِ، وروى عنه ثقةٌ أو أكثر ولم يأتِ بحديثٍ مُنْكرٍ يخالفُ الأُصولَ، فهذا حديثُه حسنٌ مقبولٌ عند كثيرٍ من أهلِ العلمِ؛ كابنِ المدينيِّ وغيرِهِ، وهذا ما قرَّره الذهبيُّ نفسُه في قوله: "وأما المجهولون منَ الرُّواةِ؛ فإن كان الرجلُ من كبارِ التابعين أو أوساطهم، احتُمِل حديثُه وتُلُقِّي بحُسنِ الظَّن، إذا سَلِمَ من مخالفةِ الأُصولِ وركاكةِ الألفاظِ" (ديوان الضعفاء صـ ٤٧٨). وانظر (رسالة الحديث الحسن لخالد الدريس ١/ ١٢٧، وما بعدها).
ولذا قال مغلطاي في تعقبه على ابنِ القطانِ: "وأما قولُ الإمامِ أحمدَ فيه وسأله عنه ابنُه عبد الله: عمرو معروف؟ قال: لا، فليس تضعيفًا له" (شرح ابن ماجه ٢/ ٣٣٩).
وتطبيقًا لهذه القاعدة قد صَحَّحَ هذا الحديثَ جماعةٌ من أئمةِ هذا الشأنِ، وهذا هو
الوجه الثاني: أن جمعًا منَ الأئمةِ قد صَحَّحَ له هذا الحديثَ كما سبقَ.