قلنا: ولكن روى الحديثَ ابنُ السَّكنِ في (سننه الصحاح) كما في (بيان الوهم والإيهام ٢/ ٤٣٣)، و (إتحاف المهرة ٥/ ٣١٤)، فقال: حدثنا أبو بكر بن أحمد الواسطي، قال: حدثنا عباس بن محمد، قال: حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال: نبأني الليث بن سعد عن عمرو بن الحارث، وعميرة بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ... فذكر الحَدِيث.
وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، ومتابعة قوية لعبد الله بن نافع الصائغ على وصلِ الحديثِ، غير أن هذه الرواية فيها نظر لأمور:
الأمر الأول: أن ابنَ السَّكنِ نفسه قال: "رواه ابن المبارك، وعبد الله بن يزيد المقرئ، عن الليث، عن بكر عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وأسنده أبو الوليد، عن الليث عن عمرو بن الحارث، وعميرة بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري. تفرَّد بذلك أبو الوليد الطيالسي، ولم يُسْنِد عميرة بن أبي ناجية الإسكندراني غير هذا الحديث"(حاشية سنن أبي داود ٢/ ٢٨٠ رقم ٣)، و (نخب الأفكار للعيني ٢/ ٤٤١).
قلنا: فهذا فيه إشارةٌ لإعلالها، وذلك أن تَفَرُّدَ أبي الوليد بوصلها -وبالأخص من طريق عميرة وقد تقدَّم أن روايتَه مرسلةٌ- مما يجعل في القلب ريبة من أمرها.
ولذا قال الحافظُ:"إلا أن يقالَ: إن روايةَ عميرةَ مرسلةٌ، ورواية عمرو بن الحارث متصلة، فحمل أبو الوليد إحدى الروايتين على الأخرى، فيتجه"(إتحاف المهرة ٥/ ٣١٤).