الأمر الثاني: أن طريق أبي الوليد هذا إن كان صحيحًا بإثبات عمرو بن الحارث بين الليث وبكر، فقد خالفه غيره في ذلك، كما تقدم عن يحيى بن بكير وعبد الله بن المبارك، وزاد عليهم ابن السكن عبد الله بن يزيد المقرئ، وروايتهم باجتماعهم أرجح من رواية الفرد، فتكون رواية أبي الوليد شاذة.
قلنا: وفي رواية ابن المبارك عند النسائي في (السنن ٤٣٩) قال: عن الليث حدثني عميرة بن أبي ناجية وغيره عن بكر بن سوادة عن عطاء به مرسلًا.
فقال في السند:"عن عميرة وغيره" وغيره المذكور قد يكون عمرو بن الحارث، فتكون رواية أبي الوليد موافقة لها، ويكون الوصل وهمًا ممن دون أبي الوليد أو من ابن السكن نفسه، فقد قال الذهبيُّ:"كان ابنُ حزمٍ يثني على (صحيحه) المنتقى، وفيه غرائب"(السير ١٦/ ١١٨).
الأمر الثالث: من المستبعد جدًّا أن يكون إسنادُها محفوظًا ويغفلُ عنها الأئمةُ الحفَّاظُ مثل أبي داود، وموسى بن هارون، والطبراني، والدارقطني.
فالذي يترجحُ أن الروايةَ المرسلةَ بدون ذكر (أبي سعيد) هي المحفوظةُ، وأن روايةَ ابنِ السكنِ شَاذَّةٌ، والوهمُ فيها قد يكون من أبي الوليد أو ممن هو دُونه، والله أعلم.
ومع هذا فقد صَحَّحَ الحديثَ بطريق ابن السكن هذا جماعةٌ من أهلِ العلمِ:
قال ابنُ القطانِ -بعد ذِكرِ طريقِ ابنِ السَّكنِ-: "فهذا اتِّصَالٌ ما بين الليث وبكر، بعمرو بن الحارث، وهو ثقةٌ، قَرَنَهُ بعميرةَ، ووصله بذكر أبي سعيد"(بيان الوهم ٢/ ٤٣٣)، ووافقه الزيلعيُّ في (نصب الراية ١/ ١٦٠)، ومغلطاي