للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد روي عن مكحول أنه قال: "كان ذلك من هدي نساء المسلمين في أيام حيضهن" (١). وروى عبد الرزاق في (المصنف ١٢٣٢): عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: "أَكَانَتِ الْحَائِضُ تُؤْمَرُ أَنْ تَتَوَضَّأَ عِنْدَ وَقْتِ كُلِّ صَلاةٍ، ثُمَّ تَجْلِسُ فَتُكْثِرُ وَتَذْكُرُ اللهَ سَاعَةً؟ قَالَ: لَمْ يَبْلُغْنِي فِي ذَلِكَ شَيْءٌ وَإِنَّ ذَلِكَ لَحَسَنٌ".

قال عبد الرزاق بإثره: قَالَ مَعْمَرٌ: "وَبَلَغَنِي أَنَّ الْحَائِضَ كَانَتْ تُؤْمَرُ بِذَلِكَ عِنْدَ وَقْتِ كُلِّ صَلاةٍ".

قلنا: ولكن هذه الرواية منكرة لا تثبت، وعليه فلا دليل على مشروعية ذلك، ولم يثبت ذلك عن أحد من الصحابة (٢)، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ)) [متفق عليه: البخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨)]. وفي رواية عند مسلم: ((مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)).

ولذا قال ابن عبد البر: "وأما علماء السلف والخلف وأهل الفتوى بالأمصار، فكلهم على أن الحائض لا تصلي ولا تقضي الصلاة أيام حيضها، إلا أن من السلف من كان يرى للحائض، ويأمرها أن تتوضأ عند وقت الصلاة، وتذكر الله، وتستقبل القبلة، ذاكرة لله، جالسة". ثم قال: "وهو أمر متروك عند جماعة الفقهاء بل يكرهونه". ثم ذكر عن سليمان التيمي،


(١) الاستذكار لابن عبد البر (٣/ ٢١٨).
(٢) وأما ما رُوي عن عقبة بن عامر: ((أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ الْمَرْأَةَ الْحَائِضَ عِنْدَ أَوَانِ الصَّلاةِ (فِي وَقْتِ الصَّلاة) أَنْ تَوَضَّأَ وَتَجْلِسَ بِفِنَاءِ مَسْجِدِهَا فَتَذْكُرَ اللهَ [وَتُهَلِّلَ] وَتُسَبِّحَ))، ففي السند إليه رجلان مجهولان. رواه ابن أبي شيبة في (المصنف ٧٣٤٧)، والدارمي في (مسنده ٩٩٦) واللفظ له، والزيادة والرواية لابن أبي شيبة.