الثانية: السُّدِّيّ -وهو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة، السدي الكبير- مختلف فيه: فلَينه أبو زرعة وضَعَّفه جماعة، ومشاه آخرون (تهذيب التهذيب ١/ ٣١٤)، وقال الحافظ:((صدوق يهم)) (التقريب ٤٦٣).
قلنا: وقد وهم في هذا الحديث، حيث جعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم للجارية وهو في المسجد، وقد خولف في ذلك:
فرواه أحمد (٢٤٧٩٤، ٢٥٧٩٦)، وابن المقرئ (٢٦٨)، والمخلص (٥٤٥) من طريق شريك النخعي، عن العباس بن ذَريح، عن البَهِيّ، عن عائشة، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا:((نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ))، فَقَالَتْ: إِنِّي حَائِضٌ. فَقَالَ:((إِنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِكِ)). وقد خرجناه ضمن الرواية الأولى.
والعباس هذا ثقة. وشريك وإن ساء حفظه بأخرة إلا أنه حفظه، فقد سبق في الصحيح من رواية ثابت بن عُبيد عن القاسم عن عائشة، بمثل رواية ابن ذريح عن البهي. وكذا رواه السّبيعي عن البهي، إلا أنه اضطرب في سنده كما سنبينه تحت حَدِيث ابنِ عُمَرَ.
ولذا قال الألباني:((صحيح دون ذكر الجارية، وبلفظ الخطاب لعائشة)) (التعليقات الحسان ٣/ ٥٥).
وقال أيضًا:((وفي رواية السدي أنه عليه الصلاة والسلام كان في المسجد حين قال ذلك، لكن السدي هذا .. وإن كان ثقة، ففيه كلام، وفي (التقريب): ((صدوق يهم))، فمثله إذا تفرد بزيادة دون جميع الرواة، لا تطمئن النفس لثبوتها. أقول هذا وإن كانت هذه الزيادة قد صحت عن صحابي آخر وهو أبو هريرة كما يأتي، إلا أنه يحتمل أن تكون هذه قصة أخرى، بل هذا هو الأقرب إلى ظاهر الرواية. ويدلك أن الواقعة متعددة أن