ومنها: أنه يحتمل أن ابن رجب -أو ناسخ كتابه- قد تأثر بسند ابن لهيعة الذي ساقه قبل سند عمرو بن الحارث، فكتبه كما مرّ، ولا يَرِد هذا الاحتمال عند البخاري؛ لأنه لم يَسُقْ سند ابن لهيعة أصلًا.
وعليه، فالصحيح أن عمرو بن الحارث سماه يزيد بن قيس، خلافًا لابن لهيعة الذي سماه سويدًا، وزعم في رواية الوليد أنه التجيبي.
وتكمن أهمية ذلك التحقيق في أن سويدًا التجيبي ثقة كما في (التقريب ٢٦٩٧)، بخلاف يزيد، فإنه مجهول، ترجم له البخاري (٨/ ٣٥٣)، وابن أبي حاتم (٩/ ٢٨٤)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وكأن أبا حاتم يشير إلى رواية ابن لهيعة وضعفها، فقال كما ذكره ابنه:((يزيد بن قيس، ويقال: سويد بن قيس، روى عن ابن قرط أو ابن قريط، روى عنه يزيد بن أبي حبيب)).
ولا يُفهم من ذلك أنهما عنده رجل واحد، فقد ترجم لسويد في موضع آخر (٤/ ٢٣٦)، وكذا صنع البخاري (٤/ ١٤٣)، فقد فرقا بينهما.
وإنما أراد أبو حاتم أن يقول: إن يزيد بن قيس قد سماه بعضهم سويدًا، ومَرَّض هذا القول كما رأيت؛ لأنه من رواية ابن لهيعة، وخالفه عمرو بن الحارث الثقة الفقيه الحافظ، فسماه (يزيد بن قيس)، ولا شك أن عمرو بن الحارث أثبت وأحفظ وأَجَلّ من ابن لهيعة.
وخلاصة التحقيق: أن الحديث من طريق ابن لهيعة فيه ثلاث علل:
جهالة ابن قريط، وضعف ابن لهيعة، واضطرابه ومخالفته لمن هو أوثق منه.