للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وحماد، والثوري، والأوزاعي، وأبي حنيفة، وابن المنذر وأبي عبيد وأبي ثور، ورُوي عن عائشة -رضي الله عنها- والصحيح عنها أنها إذا رأت الدم لا تصلي ....

ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ))، فجعل وجود الحيض عَلَمًا على براءة الرحم، فدل ذلك على أنه لا يجتمع معه. واحتج إمامنا بحديث سالم عن أبيه، أنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمرُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: ((مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلًا)) فجعل الحمل عَلَمًا على عدم الحيض، كما جعل الطهر عَلَمًا عليه؛ ولأنه زمن لا يعتادها الحيض فيه غالبًا، فلم يكن ما تراه فيه حيضًا كالآيسة. قال أحمد: إنما يعرف النساء الحمل بانقطاع الدم، وقول عائشة يُحمل على الحبلى التي قاربت الوضع، جمعًا بين قوليها، فإن الحامل إذا رأت الدم قريبًا من ولادتها فهو نفاس، تدع له الصلاة)) (المغني ١/ ٤٤٤)، و (شرح الزركشي ١/ ٤٥١).

ورُوي عن أحمد خلاف ذلك، وما ذكرناه هو المشهور عنه كما في (تحفة المولود، ص ٤١٤)، وقد رُوي عن مكحول أنه قال: ((الجنين في بطن أمه لا يطلب ولا يحزن ولا يغتم، وإنما يأتيه رزقه في بطن أمه من دم حيضتها؛ فمن ثم لا تحيض الحامل)) (تفسير ابن أبي حاتم ١٢١٧٠).

هذا، ولم يرتضِ جماعة من أهل العلم الاستدلال على انتفاء حيض الحامل بحديث ابن عمر وحديث النهي عن وطء الأمة الحامل حتى تضع.

ومنهم ابن دقيق في (الإمام ٣/ ٢٢٩، ٢٣٠)، وابن حجر في (الفتح ٩/ ٣٥٥)، وأطال في بيان هذا الأمر ابن القيم في (زاد المعاد)، ونصر القول بأن الحامل تحيض.