كان دَمُها متميزًا، بعضه أسود وبعضه غير ذلك، فرَدَّها إلى زمن دم الحيض وهو الأسود الثخين، فإذا أقبل ذلك الدم تركت الصلاة، فإذا أدبر وجاء دم غيره فإنها تغتسل وتصلي.
ودليلهم: قوله صلى الله عليه وسلم: ((فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ)).
قال ابن القصار:"في هذا الحديث حجة لمالك والشافعي في أن المستحاضة إذا ميزت دم الحيض من دم الاستحاضة أنها تعتبر الدم وتعمل على إقباله وإدباره، فإذا أقبلت الحيضة تركت الصلاة، وإذا أدبرت اغتسلت وصلت"(شرح صحيح البخاري لابن بطال ١/ ٤٢٥).
وذكر الحافظ ابن رجب:"أن أكثر الأئمة حملوا الحديث على الأول، وهو اعتبار التمييز في الدم"(فتح الباري ٢/ ١٢٩).
وقال غيرهم: إنما أَمَرها النبي صلى الله عليه وسلم بأن تدع الصلاة قدر أيامها المعروفة عندها قبل أن تستحاض.
قال ابن رجب:"وأما على تفسير إقبال الحيضة وإدبارها بإقبال العادة وإدبارها، فتجلس ما تراه من الدم في أيام عادتها خاصة، على أي صفة كان، ولا تزيد على ذلك، فإذا انقضت مدة عادتها فهي طاهر، تغتسل وتصلي"(فتح الباري ٢/ ١٢٩).
ودليلهم: قوله صلى الله عليه وسلم - في إحدى روايات هذا الحديث -: ((فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا)) (١)، وفي رواية أخرى: ((دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الأَيَّامِ التِي كُنْتِ تَحِيضِينَ
(١) كما في رواية مالك ومَن تابعه، عن هشام بن عروة. وسيأتي تخريج هذه الرواية قريبًا.