قال أبو بكر بن إسحاق الفقيه:((قال بعض مشائخنا: لم يسند هذا الخبر غير محمد بن إسحاق، وشعبة لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وأنكر أن يكون الخبر مرفوعًا))، ذكره البيهقي وأقره (السنن الكبير عقب رقم ١٦٧٦).
وسبق عن البيهقي أنه أعل رواية المُجَوِّز برواية شعبة، وما ذكره من امتناع ابن القاسم من رفعه كما سبق.
ولكن قال ابن العربي:((وقول عائشة: ((على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأُمرت)) نَصٌّ في أنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن عبد الرحمن بن القاسم أراد أن ينقل الحديث على أصله)) (العارضة ١/ ٢٠٣).
ولذا تعقبهما ابن دقيق، فقال:((في قول أبي بكر بن إسحاق ... وفي قول البيهقي ... نظر ظاهر؛ لأن عبد الرحمن بن القاسم امتنع من إسناد الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم صريحًا، ولا شك أنه إذا سمع ((فأُمِرَتْ)) فليس له أن يرويه بأن يقول: ((فأَمَرَها النبي صلى الله عليه وسلم)) لأن اللفظ الأول ليس بصريح في النسبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، بل هو مسند بطريق اجتهادي، فليس له أن ينقله إلى ما هو صريح.
ولا يلزم من امتناعه من صريح النسبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أن لا يكون مرفوعًا بلفظ:((فأُمرت)) على ما عُرِف من ترجيح أرباب الأصول في هذه الصيغة (١) أنها مرفوعة.
فتأمل ذلك، فقد يَتوهم مَن لا خبرة له بهذا العلم من قول البيهقي وأبي بكر بن إسحاق أنه يكون من الموقوف الذي لا تقوم به حجة)) (الإمام ٣/ ٣٢٦).
(١) - تحرف في المطبوع إلى: ((الصنعة))، ونقله في الجوهر النقي على الصواب.