الثاني: أن حديث ابن عمرو فيه زيادة الوضوء، وليست في حديث الأوزاعي.
فإن قيل: ألم يقل أبو داود -كما مر آنفًا-: ((وحديث محمد بن عمرو عن الزهري فيه شيء يقرب من الذي زاد الأوزاعي في حديثه؟ ! )).
قلنا: نعم، ولعل هذا هو الذي أوقع الحاكم فيما وقع فيه، فإن أبا داود وإن كان يرى اتفاق السياقتين في رد المستحاضة إلى التمييز، إلا أنه لم يُرِد بذلك الاستشهاد لحديث الأوزاعي! إذ كيف يكون ذلك وهو يُعِل حديثه؟ ! أعله بتفرد الأوزاعي دون بقية أصحاب الزهري. وأعله أيضًا بأن هذا الذي رواه الأوزاعي إنما هو لفظ حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قصة فاطمة، أي أن الأوزاعي دخل عليه حديث في حديث!
ثم استأنس أبو داود لذلك بأن ابن عمرو روى نحو حديثه عن الزهري، وجعله في قصة فاطمة أيضًا.
فأبو داود أراد من ذلك تأكيد الوهم في حديث الأوزاعي.
فأما ما رآه أبو داود من اتفاق السياقتين في رد المستحاضة إلى التمييز، ففيه نظر بيَّنَّاه آنفًا، ثم هو لم يقل:((إن ابن عمرو تابع الأوزاعي على ألفاظه)) كما قال الحاكم! وإنما قال: ((فيه شيء يقرب منه))، وبين العبارتين فرق واضح.
الرابع: ذَكَر الكشميري في (العَرْف الشذي ١/ ١٤٦)، و (الفيض ١/ ٤٢٢) أن الطحاوي أعل الحديث في (مشكل الآثار) بالإدراج.
وهذا لم نجده في (المشكل) ولعله فَهِم ذلك من إعلال الطحاوي له بالمخالفة، حيث تَتَبَّع سائر الروايات والشواهد وبَيَّن أن ليس فيها الإحالة على لون الدم. والله أعلم.