وأفصح عن ذلك ابن عدي فقال:((هذا الحديث لم يُحَدِّث به عن ابن جريج بهذا الإسناد غير جعفر بن سليمان، ويقال: إنه أخطأ فيه، أراد به إسنادًا آخر عن ابن جريج، لعله يرويه عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، فلعل جعفرًا أراد هذا الحديث، فأخطأ عليه فقال: عن أبي الزبير عن جابر)) (الكامل ٣/ ١٠٣).
قلنا: قوله: ((لعله يرويه عن الزهري)) خطأ؛ فإن ابن جريج يرويه عن هشام عن عروة كما سبق.
وقال الدَّارَقُطْنِيّ أيضًا:((تَفَرَّد به جعفر بن سليمان، ولا يصح عن ابن جريج عن أبي الزبير، وَهِم فيه، وإنما هي فاطمة بنت أبي حبيش)) (السنن).
قلنا: وهكذا ورد اسمها في (علل ابن أبي حاتم ١٢٠) من رواية جعفر! فإنه قال: ((سألت أبي عن حديث رواه جعفر بن سليمان، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَأَلَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، المَرْأَةُ المُسْتَحَاضَةُ كَيْفَ تَصْنَعُ؟ قَالَ: ((تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ، ثُمَّ تُصَلِّي)).
وهذا غريب جدًّا، ففي جميع المراجع التي أسندت رواية جعفر:((فاطمة بنت قيس))!
فإن لم يكن ما في العلل خطأ من النُّساخ، فلعله سَبْق قلم، لاسيما وقد أنكره أبو حاتم أيضًا فقال:((هذا ليس بشيء)) (العلل ١٢٠).
إلا إن كانا يريان أنهما واحد، وأن قيسًا هو نفسه أبو حبيش -كما قاله غير واحد-، ويكون إنكار أبي حاتم للإسناد المذكور عن ابن جريج كما