قال ابنُ حبان:((قوله صلى الله عليه وسلم: ((اغْسِلِيهِ بِالْمَاءِ)) أَمْرُ فَرْضٍ، وَذِكْرُ السِّدْرِ وَالحَكِّ بِالضِّلَعِ أَمْرُ نَدْبٍ وَإِرْشَادٍ)) (الصحيح عقب ١٣٩٥).
وقال الخطابيُّ:((قوله: ((اغْسِلِيهِ بِمَاءٍ))؛ دليلٌ على أن النجاساتِ إنما تزالُ بالماء دون غيرِهِ من المائعاتِ؛ لأنه إذا أمر بإزالتها بالماء فأزالها بغيره كان الأمر باقيًا لم يمتثل، وإذا وجب ذلك عليه في الدم بالنصِّ كان سائر النجاسات بمثابته، لا فرقَ بينهما في القياس، وإنما أمرَ بحكه بالضلع ليتقلع المستجسد منه اللاصق بالثوب، ثم تتبعه الماء ليزيل الأثر)) (معالم السنن ١/ ١١٣).
وقال أيضًا:((وإنما أمر بحكه لينقلع المتجسد منه اللاصق بالثوب ثم يتبعه الماء ليزيل الأثر وزيادة السدر للمبالغة وإلا فالماء يكفي)) اهـ. (حاشية السندي على سنن النسائي ١/ ١٥٤).
قال الشوكانيُّ: ((والحقُّ أن الماء أصلٌ في التطهير لوصفه بذلك كتابًا وسنة وصفًا مطلقًا غير مُقيَّد، لكن القول بتعينه وعدم إجزاءِ غيرِه يَرُدُّهُ حديثُ مسح النَّعلِ وفركُ المنيِّ وحتُّه وإماطتُه بإذخرةٍ وأمثال ذلك كثير، ولم يأتِ دليلٌ يقضي بحصر التطهير في الماء ومجرد الأمر به في بعض النجاسات لا يستلزم الأمر به مطلقًا، وغايته تعينه في ذلك المنصوص بخصوصه إِنْ سَلِمَ، فالإنصافُ أن يقالَ: إنه يطهر كل فرد من أفراد النجاسة المنصوص على تطهيرها بما اشتمل عليه النصُّ، إِنْ كان فيه إحالة على فرد من أفراد المطهرات، لكنه إِنْ كانَ ذلك الفردُ المحالُ عليه هو الماء فلا يجوزُ العدول إلى غيره للمزية التي اختص بها وعدم مساواة غيره له فيها، وإِنْ كانَ ذلك الفردُ غير الماء جازَ العدول عنه إلى الماء لذلك، وإن وُجِدَ فَرْدٌ من أفراد