للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

-[تنبيهٌ آخرُ]-

((قال سحنون لابن القاسم: هل كان مالكٌ يقولُ: يُغْسَلُ الإِنَاءُ سَبْعَ مرَّاتٍ إذا وَلَغَ الكَلْبُ في الإِنَاءِ في اللَّبنِ وفي الماءِ؟

قال: قال مالكٌ: قد جاءَ هذا الحديثُ وما أدري ما حقيقتُهُ، قال: وكأنَّه كانَ يَرى أنَّ الكلبَ كأنَّه مِن أَهلِ البيتِ وليس كغيرِهِ من السباعِ، وكانَ يقُولُ: إِنْ كَانَ يُغْسَلُ ففي الماءِ وَحْدَهُ، وكان يُضَعِّفُهُ)) (المدونة ١/ ١١٥).

وحَكَاهُ ابنُ عبدِ البرِّ عن ابنِ القاسمِ عن مالكٍ بلفظِ: ((هذا الحديثُ ما أَدْرِي ما حقيقتُه وضعَّفه مِرارًا)). وقال ابنُ عبد البر - عقبه مستنكرًا -: ((وذكر عنه ابنُ وهب في هذا الإسناد في حديث المصراة أنه قال: وهل في هذا الإسنادِ لأحدٍ مقال، وذلك حين بَلَغَهُ أن أبا حنيفةَ وغيرَهُ من أهلِ العراقِ يَرُدُّونَه)) (التمهيد ١٨/ ٢٧٠). يعني أن مالكًا رحمه الله قد ذكر في حديثٍ آخر بنفسِ إسنادِ هذا الحديث أنه لا مقالَ ولا مغمزَ فيه، لصحةِ إسنادِهِ.

وأما القاضي عياضٌ فقال: ((وقوله في مسألة غسل الإناء من ولوغ الكلب: ((وكان يضعِّفُهُ))، تنوزع في هذا الضمير كثيرًا؛

فقيل: أراد تضعيف الحديث؛ لأنه خبرُ واحدٍ ظاهره نجاسة الكلب، وعارضَ قولَه تعالى: {فكلوا مما أمسكن عليكم}.

وقيل: ضعَّف وُجوبَ الغسلِ.

وقيل: ضعَّف توقيتَ العددِ.

قال القاضي: والأشبهُ عندِي أن يريدَ به الوُجوبَ كما نحَا إليه القَابِسيُّ. ويدلُّ عليه تخصيصُهُ الماءَ بذلك، وأنه أَعْظَمَ إراقةَ الطعامِ. ولا حُجَّةَ لمن قالَ إنه ضعَّف الحديثَ بقوله: ((ولا أدري ما حقيقته))؛ فليس في هذا ما