للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وُلُوغِهِ معنى. والطهورُ يقعُ في الأصلِ إما لرفعِ حَدَثٍ أو لازالةِ نَجَسٍ، والإناءُ لا يَلْحَقُهُ حُكْمُ الحَدَثِ فعُلِمَ أنه قَصَدَ به إزالةَ النَّجَسِ وإذا ثبتَ أن لسانَهَ الذي يتناولُ به الماءَ نجسٌ يجبُ تطهيرُ الإناءِ منه عُلِمَ أن سَائرَ أجزائِةِ وأبْعَاضِهِ في النَّجَاسَةِ بمثابةِ لسانِهِ فبأي جُزْءٍ من أجزاءِ بدنِهِ مَاسَّهُ وَجبَ تَطْهِيرُهُ.

وفيه البيانُ الواضحُ أنه لا يطهره أقلُّ من عددِ السبعِ وأن تعفيرَهُ بالتُّرابِ واجبٌ.

وإذا كان معلومًا أن التُّرابَ أنما ضُمَّ إلى الماءِ استظهارًا في التطهيرِ وتوكيدًا له لغلظِ نجاسةِ الكلبِ فقد عُقِلَ أن الأُشْنَانَ وما أشبهه منَ الأشياءِ التي فيها قوةُ الجلاءِ والتَّطْهِيرِ بمنزلةِ التُّرابِ في الجوازِ.

وفيه دليلٌ على أن الماءَ المولوغِ فيه نجسٌ لأَنَّ الذي قد مسَّهُ الكلبُ هو الماءُ دونَ الإناءِ فلولا أن الماءَ نجسٌ لم يجبْ تطهيرُ الإناءِ مِنْهُ)) (معالم السنن ١/ ٣٩ - ٤٠).

وخالفَ ابنُ عبدِ البرِّ فيما ذهب إليه الخطابُّي من نجاسةِ عينِ الكلبِ، فقال: ((وطهارةُ الهرِّ دالةٌ على أنه ليس في حَيٍّ نجاسةٌ إِلَّا ما قامَ الدليلُ على نجاسةِ عينِهِ بالتَّحْريمِ وهو الخنزيرُ وحْدَهُ، وأن النَّجَاسةَ إنما هي في الميتاتِ والأبوالِ والعذراتِ، وإذا لم يكن في حَيٍّ نجاسةٌ بدليلِ مَا وصفنا دلَّ ذلك على أن الكلبَ ليس بنجسٍ وأنه لا نجاسةَ في عينِهِ؛ لأنه منَ الطوافينَ علينا وما أُبيحَ لنا اتِّخَاذُهُ للصيدِ والزرعِ والماشيةِ فيقاسه الهر. وإذا صحَّ هذا صحَّ أن الأمرَ بغسلِ الإناءِ من ولوغِهِ سبعًا عِبادةٌ لا لنجاسةٍ)) (الاستذكار ١/ ١٦٤).