رواها الشافعيُّ، والبيهقيُّ من طريقه بإسنادٍ صحيحٍ، وفيه بحثٌ أذكره، وهو أن قولَه:((أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ)) لا تخلو إما أن تكون مجموعة من كلام الشارع أو هو شكٍّ مِن بعضِ رُواةِ الحديثِ، فإِنْ كانتْ مجموعةً من كلامِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فهو دالُّ على التَّخْيِيرِ بينهما ويترجَّحُ حينئِذٍ ما نصَّ عليه الشافعيُّ رحمه الله من التقييد بهما، وذلك؛ لأَنَّ مَن جمعَ بينهما معه زيادةُ علمٍ على مَن اقتصرَ على الأولى أوِ السابعةِ؛ لأَنَّ كُلًّا منهم حفظ مرة فاقتصر عليها، وحفظ هذا الجمع بين الأولى والأخرى فكان أولى.
وإِنْ كانَ ذلك شكًّا مِن بعضِ الرُّوَاةِ فالتعارضُ قائمٌ، ويرجعُ إلى الترجيحِ فترجح الأولى كما تقدَّمَ.
ومما يدلُّ على أن ذلكَ شكٌّ من بعضِ الرُّواةِ لا من كلامِ الشارعِ قول الترمذيِّ في روايتِهِ:((أُولَاهُنَّ أَوْ قَالَ: أُخْرَاهُنَّ بِالتُّرَابِ)) فهذا يدلُّ على أن بعضَ الرُّواةِ شكَّ فيه؛ فيترجَّحُ حينئِذِ تعيينُ الأُولى ولها شاهدٌ أيضًا من روايةِ خِلَاسٍ، عن أبي رَافعٍ، عن أبي هريرة كما سيأتي في الوجه الذي يليه)) (طرح التثريب ٢/ ١٢٠).
قلنا: قد بيَّنَّا بما لا يدعُ مجالًا للشكِّ من أن الشكَّ فيه من قِبَلِ أيُّوبَ، والصوابُ:((أُولَاهُنَّ)) بلا شكٍّ ولا تَخْيِيرٍ.
وقد رُويتْ هذه اللفظةُ من غيرِ طريقِ أيُّوبَ:
فرواه البزار (٩٨٩٧) -ومن طريقه أبونعيم الأصبهانيُّ في (المنتخب من حديث يونس بن عبيد ٤٤) -: عن محمد بن بشار بندار، حدثنا إبراهيم بن صدقة، عن يونس، عن محمد، عن أبي هريرة به وفيه:((فَاغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَوَّلُهُنَّ أَوْ آخِرُهُنَّ بِالتُّرَابِ)).