هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين كما سبق، ولذا صححه البغويُّ، والعراقيُّ، وابنُ الملقن في (البدر ١/ ٥٤٦)، إِلَّا أَنَّ الراجحَ في الحديثِ ما خرَّجه مسلمٌ بلفظ:((أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ)) وهو ما رجَّحَه العراقيُّ كما سبقَ ذكره.
والذي يظهرُ أن أيوبَ السختيانيَّ لم يضبطْ هذا الحديثَ، فكان يضطربُ فيه، فتارة يرويه هكذا مترددًا في لفظه، فأخذه عنه جماعةٌ من الثقات. وسبقَ عنه من طريقِ جماعةٍ من الثقاتِ أيضًا بلفظِ:((أُولَاهُنَّ)) بلا شكٍّ ولا تَرَدُّدٍ. ورواه حماد بن زيد عنه فلم يذكر التُّرابَ. وكان تارةً يرفعه وتارةً يوقفه على أبي هريرة كما في رواية الحميديِّ عن ابنِ عُيَينَةَ عنه - وستأتي قريبًا -، وكذا وقفه عنه حماد بن زيد وحماد بن سلمة كما قال الدارقطنيُّ في (العلل ٨/ ٩٩). وأشارَ لذلك ابنُ عبد البر فقال:((وكذلك رواه أيوبُ - أي بلفظ: ((أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ)) - في غير رواية حماد بن زيد عنه عن محمد بن سيرين إِلَّا أَنَّ أيُّوبَ وَقَفَهُ على أبي هريرةَ، وقال: كان محمدٌ ينحو بأحاديث أبي هريرة نحوَ الرفعِ، ورواه حماد بن زيد عن أيوبَ فلم يذكر فيه التُّرابَ)) (التمهيد ١٨/ ٢٦٥).
وعلى هذا يكون الراجحُ عنه الروايةَ الأُولى بلفظِ:((أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ)) لأمرين:
الأول: أن أيُّوبَّ لم يكن يتردد فيها بخلاف غيرها.
الثاني: أنها هي الثابتة عن ابن سيرين من وجوهٍ عدَّةٍ كما سبقَ بيانُه.
وقال العراقيُّ بشأن هذه الرواية:((وأما رواية: ((أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ)) فقد