وللشافعي عذر آخر في ترك العمل بحديث ابن المغفل، فنقل عنه أنه قال:((هو حديث لم أقف على صحته))، قال ابن حجر:((ولكن هذا لا يثبت العذر لمن وقف على صحته)) (الفتح ١/ ٢٧٧)، وقال في (التلخيص ١/ ٣١): ((وهذا العذر لا ينفع أصحاب الشافعي الذين وقفوا على صحة الحديث، لا سيما مع وصيته (١))).
ورجح الألباني حديث أبي هريرة، فقال:((وحديث أبي هريرة أولى؛ لسببين:
الأول: ورود هذه الزيادة عنه من طريقين، الثاني: أن المعنى يشهد له؛ لأَنَّ تتريب الثامنة يقتضي الاحتياج إلى غسلة أخرى لتنظيفه، والله أعلم)) (الإرواء ١/ ٦٢).
قلنا: والسبب الأول لا وجه له هنا؛ لأَنَّ خلاصته ثبوت ذلك عن أبي هريرة، وحديث ابن المغفل ثابت عنه أيضًا، وهذا ظاهر.
أما السبب الثاني، فجوابه: أن مجرد تتريب الإناء لا يعد غسلًا إِلَّا إذا أُزيل التراب بالماء، ولذا عدَّه النبي صلى الله عليه وسلم غسلة واحدة فقال:((وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ فِي التُّرَابِ))، وهذا واضح في كونها غسلة واحدة، غير أنه يستخدم فيها التراب بخلاف الباقي.
وقد اعتذر بعضهم عن العمل بحديث ابن المغفل بالإجماع على خلافه، وهذا غير مسلم؛ قال الحافظ: ((وفيه نظر؛ لأنه ثَبَتَ القولُ بذلك عن الحسن
(١) يعني قوله: ((إذا صحَّ الحديثُ فهو مذهبي))، وهي عبارة تكتب بماء الذهب، يا حبذا لو التزم بها المسلمون عامة، والعلماء وطلبة العلم على وجه الخصوص.