فقال:((وتأويل من قال بإخراجها من الحقيقة إلى المجاز كل ذلك محاماة على المذهب، والحق مع الحسن البصري)) (سبل السلام ١/ ٢٣).
وقد ذكر الحافظ وجها آخر في الجمع بين الحديثين، وهو:((أن يكون حديث ابن المغفل محمولًا على من نسي استعمال التراب فيكون التقدير اغسلوا سبع مرات إحداهن بالتراب كما في رواية أبي هريرة فإن لم تعفروه في إحداهن فعفروه الثامنة))، ثم أجاب عن التكلف في هذا الجمع بقوله:((ويغتفر مثل هذا الجمع بين اختلاف الروايات، وهو أولى من إلغاء بعضها والله أعلم)) (التلخيص ١/ ٣١).
وأولى من ذلك ما أشار إليه الطحاوي في ردِّهِ على من خالفهم في ترك العمل بحديث أبي هريرة، حيث قال:((فكان ينبغي لهذا المخالف لنا أن يقول: لا يطهر الإناء حتى يغسل ثماني مرات السابعة بالتراب والثامنة كذلك ليأخذ بالحديثين جميعًا)) (شرح معاني الآثار ١/ ٢٣).
كذا قال، والصواب أن يقول:(الأولى بالتراب والثامنة كذلك)؛ لأَنَّ الراجح في حديث أبي هريرة تتريب الأولى كما بينَّاه فيما سبق، وهذه طريقة أخرى بها يعمل بالحديثين معًا، وإِنْ كَانَت لا تخلو من مقال أيضًا.
ويمكن أن يقال: هاتان كيفيتان في تطهير الإناء من ولوغ الكلب كلاهما ثابت، فبأيهما أخذت فلا حرج، ولهذا أمثلة كثيرة في الشرع، كالاستنجاء بالماء أو الحجارة، والله أعلم.