واعترض الحافظ ابن حجر على الترجيح كلية، فقال:((والترجيح لا يصار إليه مع إمكان الجمع، والأخذ بحديث ابن مغفل يستلزم الأخذ بحديث أبي هريرة دون العكس، والزيادة من الثقة مقبولة، ولو سلكنا الترجيح في هذا الباب لم نقل بالتتريب أصلًا؛ لأَنَّ رواية مالك بدونه أرجح من رواية من أثبته، ومع ذلك فقلنا به أخذًا بزيادة الثقة)) (الفتح ١/ ٢٧٧).
ثم قال الحافظ:((وجمع بعضهم بين الحديثين بضرب من المجاز فقال: ((لما كان التراب جنسًا غير الماء جعل اجتماعهما في المرة الواحدة معدودًا باثنتين)) ا. هـ.
يُشير بذلك إلى قول النووي - جامعًا بين الحديثين -: ((وأما رواية ((وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ)) فمذهبنا ومذهب الجماهير أن المراد اغسلوه سبعًا واحدة منهن بالتراب مع الماء فكأن التراب قائم مقام غسلة فسميت ثامنة لهذا والله أعلم)) (شرح مسلم ٣/ ١٨٥).
وأشار ابن دقيق العيد إلى تضعيف هذا الجواب بأنه تأويل فيه استكراه، انظر:(طرح التثريب ٢/ ١١٩).
وذكر ابن حجر تعقب ابن دقيق وأجاب عنه فقال:((وتعقبه - أي النووي - ابنُ دقيق العيد بأن قوله ((وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ)) ظاهر في كونها غسلة مستقلة، لكن لو وقع التعفير في أوله قبل ورود الغسلات السبع كانت الغسلات ثمانية، ويكون إطلاق الغسلة على التتريب مجازًا، وهذا الجمع من مرجحات تعين التراب في الأولى)) (الفتح ١/ ٢٧٧، ٢٧٨).
فلجأ الحافظ إلى المجاز والتأويل المستكره - مثل النووي -، لأجل الجواب عن استشكال ابن دقيق، وأعرض عن ذلك الصنعاني جملة واحدة