فقال ابن المنذر:((ومع هذا فلو كان خبر ابن عكيم ثابتًا لاحتمل أن لا يكون مخالفًا للأخبار التي ذكرناها؛ لأَنَّ تلك الأخبار فيها إذن النبي صلى الله عليه وسلم بالانتفاع بجلد الشاة الميتة بعد الدباغ، فلا يكون مخالفًا للأخبار التي ذكرناها، وإذا أمكن لنا أن تكون الأخبار مختلفة، وأمكن استعمالها فاستعمالها أولى بنا من أن نجعلها متضادة، فيستعمل خبر ابن عكيم في النهي عن استعمال جلود الميتة قبل الدباغ، ويستعمل خبر ابن عباس وغيره في الانتفاع بجلود الميتة بعد الدباغ)) (الأوسط ٢/ ٤٠٢).
وقال ابن عبد البر:((ولو كان ثابتًا لاحتمل أن لا يكون مخالفًا للأحاديث التي ذكر فيها الدباغ، كأنه قال: لا تنتفعوا من الميتة بإهاب قبل الدباغ)) (الاستذكار ١٥/ ٣٤٥).
وقال الحازمي:((المصير إلى حديث ابن عباس أولى؛ لوجوه الترجيحات، ويحمل حديث ابن عكيم على منع الانتفاع به قبل الدباغ، وحينئذٍ يُسمَّى إِهَابًا، وبعد الدباغ يُسمَّى جِلْدًا ولا يُسمَّى إِهَابًا، وهذا معروف عند أهل اللغة؛ ليكون جمعًا بين الحُكْمَين، وهذا هو الطريق في نفي التضاد في الأخبار)) (الاعتبار صـ ٥٨).
وقال أبو محمد البغوي:((اتفق أهل العلم من الصحابة والتابعين، فمن بعدهم رضي الله عنهم أن كل حيوان يؤكل لحمه، فإذا مات يطهر جلده بالدباغ، إِلَّا شيئًا يُحكى عن أحمد، أنه كان يقول: (لَا يَطهُرُ)، لما رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرَيْنِ: ((أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ