للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال أيضًا: ((حديث صحيحٌ؛ إلا النهي عن القَرْنِ بين الحج والعمرة؛ فهو منكرٌ لمخالفته الأحاديث المتقدمة، وفيها إقراره صلى الله عليه وسلم الذين جمعوا بين الحج والعمرة وساقوا الهدي، وأمرُه من لم يَسُقِ الهدي أن يفسخ الحج إلى العمرة، ثم يلبي بالحج يوم التروية، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)))) (صحيح أبي داود - الأم ٦/ ٤٦).

قلنا: إذا أمكن تأويل الحديث بوجه يجمع بينه وبين الأحاديث الصحيحة فلا نكارة حينئذٍ.

قال الخطابي: ((جواز القران بين الحج والعمرة إجماع من الأمة، ولا يجوز أن يتفقوا على جواز شيء منهي عنه، ولم يوافق الصحابة معاوية على هذه الرواية ولم يساعدوه عليها، ويشبه أن يكون ذهب في ذلك إلى تأويل قوله حين أمر أصحابه في حجته بالإحلال فشقَّ عليهم: ((لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ)) وكان قارنًا.

فيما دلت عليه هذه القصة فحمل معاوية هذا الكلام منه على النهي.

وفيه وجه آخر: وهو أنه قد رُوي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: ((افْصِلُوا بَيْنَ الحَجِّ والعُمْرَةِ فإنَّهُ أَتَمُّ لِحَجِّكُمْ وَعُمْرَتِكُمْ))، ويشبه أن يكون ذلك على معنى الإرشاد وتحري الأجر ليكثر السعي والعمل، ويتكرر القصد إلى البيت، كما رُوي عن عثمان أنه سئل عن التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال: ((إِنَّ أَتَمَّ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَنْ لَا يَكُونَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَلَو أَفْرَدْتُم هَذِهِ الْعُمْرَةَ حَتَّى تَزُورُوا هَذَا الْبَيْتَ زَوْرَتَيْنِ كَانَ أَفْضَلَ)))) (معالم السنن (٢/ ١٦٧)، وبنحوه قال الروياني في (بحر المذهب ٣/ ٣٩٧)، وانظر (البداية والنهاية ٧/ ٤٩٠).