وقال أيضًا:"وهو - لو صح - حكاية فعل لا عموم لها ولا يعلم هل كان في فضاء أو بنيان وهل كان لعذر من ضيق مكان ونحوه أو اختيارًا فكيف يقدم على النصوص الصحيحة الصريحة بالمنع"(تهذيب السنن ١/ ٢٠).
قلنا: لا ريب أنه يعني صحته في نفسه، هكذا يدل عليه سياق كلامه، وكذا فهمه كل من نقله عنه من أهل العلم.
وحديث ابن إسحاق هذا موافق لحديث ابن عمر المتقدم في الصحيح، وإن كان نصًا في الرخصة في الاستدبار فقط، لكنه مقيد لعموم النهي، كحديث جابر هذا، والله أعلم.
الثالثة: أَنَّ في سماع مجاهد من جابر نظر؛
قال البرديجي:"وأحاديث مجاهد عن جابر ليس لها ضوء، إنما هي من حديث ابن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد ومن حديث ليث بن أبي سليم (عنه) "(جامع التحصيل ٧٣٦).
وقال المعلمي اليماني - في كلامه على هذا الحديث -: "لم أجد ما يصرح بسماع مجاهد من جابر، وقد راجعت مسند جابر في مسند أحمد فلم أر لمجاهد عنه إِلَّا أحرفًا لم يصرح في شيء منها بالسماع"(رسالة قضاء الحاجة - ضمن آثار الشيخ المعلمي ١٦/ ٣٧).
قلنا: صرح مجاهد بالسماع من جابر، عند البخاري في (صحيحه ١٥٧٠) قال: حدثنا مسدد، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، قال: سمعت مجاهدًا، يقول: حدثنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال:«قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَقُولُ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ بِالحَجِّ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً».