وبهذا العلة أعله الإمام أحمد، ففي "العلل" للخلال: عن حنبل - بعد ذكر حديث عبد السلام هذا - قال:"فذكرته لأبي عبد الله، قال: لم يسمع الأعمش من أنس"(الإمام لابن دقيق ٢/ ٤٤٧)، وبنحوه في (تهذيب السنن لابن القيم ١/ ٢٣ - ٢٤)(١).
وقال ابن سيد الناس:"الحديث عند الترمذي منقطع؛ لأن الأعمش عنده لم يسمع من أنس وهذا هو المشهور"(النفح الشذي ١/ ١٦٢).
هذا فضلًا عن الاختلاف على الأعمش فبعضهم يرويه عن أنس كما هنا، وبعضهم يرويه عنه عن ابن عمر، وبعضهم يجعل بينه وبينهما واسطة، كما سيأتي بيانه قريبًا.
قال الترمذي:"وكلا الحديثين مرسل، ويقال لم يسمع الأعمش من أنس ولا من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم"(السنن ١٤). وأقره المنذري في (مختصر السنن ص ٢٤).
وقال الترمذي في (العلل): "سألت محمدًا عن هذا الحديث أيهما أصح؟ - يعني حديث ابن عمر أم حديث أنس - فقال: "كلاهما مرسل، ولم يقل أيهما أصح" (العلل ٨).
وقال أبو داود - عقب حديث ابن عمر -: "رواه عبد السلام بن حرب، عن الأعمش، عن أنس بن مالك. وهو ضعيف". يعني الحديث من كلا
(١) وأما قول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وَاحْتَجَّ بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ" (شرح عمدة الفقه / كتاب الطهارة والحج ١/ ١٤٤)، فعلى مذهب الإمام أحمد في الاحتجاج بالضعيف، إذا لم يجد ما يعارضه، انظر: (شرح علل الترمذي ١/ ٥٥٣ وما بعدها).