قال ابن عبد الهادي: «وما حكاه المؤلف عنه - من قوله:(والحديث غير ثابت) -: يريد به حديث أبي هريرة لا حديث أبي سعيد كما صرَّح به في العلل» (تنقيح التحقيق ١/ ٣١).
الثاني: قال ابن عبد البر: «ومنها حديث أبي سعيد الخدري، عن النبي عليه السلام أنه سُئل عن بئر بضاعة فقيل له إنه يطرح فيها لحوم الكلاب والعذرة وأوساخ الناس، فقال: «الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَيْهِ فَغَيَّرَهُ»». ثم قال:«وهذا إجماع لا خلاف فيه إذا تغير بما غلب عليه من نجس أو طاهر أنه غير مطهر»(الاستذكار ١/ ٤٣٣).
قلنا: ولم نقف على رواية للحديث بهذه الزيادة التي ذكرها. فالله أعلم.
الثالث: قال الرافعي: «رُوِيَ أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من بئر بضاعة وكان ماؤها كنقاعة الحناء»(فتح العزيز ١/ ١٢٥). وكذا ذكره بنحوه ابن المنذر - كما سيأتي -، وابن قدامة في (المغني ١/ ٢٤)، ولكنهما لم يذكرا (بضاعة). وأما ابن الجوزي فذكره بلفظ:«تَوضَّأَ مِنْ غَدِيرٍ كَأَنَّ مَاءَهُ نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ»(تلبيس إبليس ص ١٢٣).
قلنا: ولم نقف بعد طول بحث على هذا الوصف في أي رواية مسندة، وسبقنا إلى ذلك ابن الملقن، فقال: «ووقع في (الرافعي): إنَّ ماء هذه البئر كان كنقاعة الحناء. وهذا غريب جدًّا، لم أره بعد البحث، وسؤال بعض الحفاظ عنه، وهذا الوصف لا أعلمه يلقى إلَّا في صفة البئر التي سحر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي بئر ذروان (١)» (البدر المنير ١/ ٣٩٠).
(١) كما في الصحيحين من حديث عائشة، وفيه أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في وصف في بئر ذروان هذه: «يَا عَائِشَةُ، كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، ... ». أخرجه البخاري (٥٧٦٣)، ومسلم (٢١٨٩)، وسيأتي تخريجه - إن شاء الله تعالى - في أبواب السحر من «كتاب الطب»، من هذه الموسوعة المباركة، يسر الله إتمامها. وليس فيه أنه صلى الله عليه وسلم توضَّأ منها.