وقال الألباني:"لكن الحديث له شواهد كثيرة يرقى به إلى درجة الصحيح"(صحيح سنن أبي داود ١/ ٧٥).
قلنا: لكن تقييد هذا الوصف بأهل قباء دون غيرهم من الأنصار نظر؛ إذ إنَّ الراجح في قوله تعالى:{لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا}[التوبة: ١٠٨]، أنه عنى به مسجد المدينة، ففي صحيح مسلم (١٣٩٨) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الْمَسْجِدَيْنِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى؟ قَالَ: فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصْبَاءَ، فَضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ، ثُمَّ قَالَ:«هُوَ مَسْجِدُكُمْ هَذَا» لِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ.
ولهذا قال شيخ المفسرين ابن جرير الطبري - بعد ذكر الخلاف في ذلك -: "وَأَوْلَى القولين في ذلك عندي بالصواب قولُ من قال: هو مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم لصحة الخبر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم"(التفسير ١١/ ٦٨٥).
وقال الشوكاني - بعد ذكره بعض الأقوال في أَنَّ المراد هو مسجد قباء -: "ولا يخفاك أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد عَيَّنَ هذا المسجد الذي أُسِّسَ على التقوى، وجزم بأنه مسجده صلى الله عليه وسلم كما قَدَّمْنَا من الأحاديث الصحيحة، فلا يُقَاوِمُ ذلك قولُ فَرْدٍ من الصحابة ولا جماعة منهم ولا غيرهم ولا يصح لإيراده في مُقَابَلَةِ ما قد صَحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا فائدة في إيراد ما ورد في فضل الصلاة في مسجد قباء، فإن ذلك لا يستلزم كونه المسجد الذي أسس على التقوى". ثم ذكر حديث أبي هريرة هذا وغيره من أحاديث الباب، ثم قال: "ولا يخفاك أن بعض هذه الأحاديث ليس فيه تعيين مسجد قباء وأهله، وبعضها ضعيف، وبعضها لا تصريح فيه بأن المسجد الذي أسس على