للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وبهذه العلل الثلاثِ أعلَّه ابن الجوزي، غير أنه زعم أن أبا الفضل شيخَ بقية في هذا الحديث هو بَحْر بن كَنِيز (١) السَّقَّاء، وقال: "قال يحيى: بحْر ليس بشيء، لا يُكتب حديثه، كُل الناس أحبُّ إليَّ منه، وقال الدارَقُطْني والنَّسائي: متروك" (الموضوعات ١/ ٢٥٩).

وكذلك ذكر الذهبي هذا الحديث في ترجمة بحْر من (الميزان ٢/ ٥) وقال: "أبو الفضل هو بحر"! ، وأحسن ابن عِرَاق حيث قال: "قول ابن الجوزي في أبي الفضل: "إنه بَحْر بن كَنِيز" فيه نظر؛ فقد نقل الذهبي عن أبي حاتم أنه مجهول" (تنزيه الشريعة ١/ ٢٠٢)، وعلى فرض صحة كلام ابن الجوزي، فلا يغيِّر من الأمر شيئًا؛ فإن بحرًا متروك كما سبق.

فتبيَّن بذلك وَهاءُ هذه الطرق، وأنها لا تُنجِّي الحديث من الوضع؛ ولذا نقل ابن قُتَيْبة عن أصحاب الحديث أنهم قالوا في أحاديثَ موجودةٍ على ألسنة الناس: "ليس لها أصل" قال: "منها: مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ خِفَّةُ عَارِضَيْهِ" (تأويل مختلف الحديث/ ص ١٢٩).

وممن أقرَّ بوضعه عدا مَن سبق ذكرُهم: العَجْلُوني في (كشف الخفاء ٢/ ٣٧٧)، ونقله عن السُّيوطي وابن حجر الهيتمي المكِّي، وكلام هذا الأخير في (الفتاوى الفقهية الكبرى ٤/ ٢٥٩)، قال: "رواه الطبراني، والخطيب وضعَّفه، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات".

وقد رُوِي هذا المتن من حديث أبي هريرة أيضًا، وهو موضوع كذلك كما سيأتي.


(١) - تحرفت في المطبوع إلى: "كثير"! .