ذلك: مراسيلُ الزُّهْريِّ، وقتادةَ، وحُمَيدٍ الطَّويل، من صغار التابعين. وغالب المحقِّقين يعُدُّون مراسيلَ هؤلاءِ معضلاتٍ ومنقطعاتٍ؛ فإن غالب رواياتِ هؤلاء عن تابعيٍّ كبير، عن صحابي. فالظنُّ بمرسِله أنه أسقط من إسنادِه اثنين" (الموقظة ص ٤٠).
وفي عبد الوهاب كلامٌ يسير، ولكنه عالِمٌ بسعيد بن أبي عَرُوبة، وممن سَمِع منه قديمًا، وقد تُوبِع عليه متابعةً قاصرة، كما تقدَّم في السند.
ورواه ابن سعد في (الطبقات ٣/ ٢٧١): من طريق أبي هلال الرَّاسِبي، عن قتادةَ، قال:((كان الخلفاءُ لا يَتَنَوَّرُونَ: أبو بكر، وعُمرُ، وعثمانُ)). فلم يذكرِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم. ولكنَّ أبا هلالٍ الراسِبي هذا، قال فيه الحافظ: "صدوق فيه لِين" (التقريب ٥٩٢٣).
وأسند البَيْهَقي عن عبد الله بن المبارَك أنه قال: "ما أدري مَن أخبرنى عن قتادة: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَنَوَّرْ". قال عبد الله: "وهو أَشبَهُ الأمرين أن لا يكونَ"، وذَكرَ الحديثَ الآخَر: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِىَ عَانَتَهُ"، فقال: "هذا ضعيف" (السنن الكبرى عَقِبَ حديث ٧١٢).
فرجَّح ابنُ المبارك مرسَلَ قتادةَ على ما سبق من أحاديثَ ضعيفةٍ في تنوُّرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكذا الإمام أحمدُ، كما سبَق نقلُه في حديث أمِّ سلَمةَ، مع أنَّ كليْهما ضعيفٌ جدًّا؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لو فَعَل لنُقِل ذلك عنه واشتهرَ من رواية الثقات، ولذا كان مرسَلُ قتادةَ هذا- على شدة ضعْفِه- أَشْبهَ بالصواب، والله أعلم.