أبي سعيد، ثم سمِعه من أبي سعيد، فحدَّث به تارة هكذا وتارةً هكذا. لاسيما وعَمرو بن سُلَيم من كبار التابعين، بل يقال: إن له رؤيةً.
ثم إن هذا الخلاف في السند لا يؤثِّرُ في صحة الحديث شيئًا؛ فعبدُ الرحمن ثقة حُجَّةٌ، فالحديث على كل حالٍ صحيحٌ.
قال ابن رجب:"وعن الدارَقُطْني أن ذِكر (عبد الرحمن) في إسناده أصحُّ من إسقاطه.
وتصرُّف البخاري يدلُّ على خلاف ذلك؛ فإنه لم يخرِّج الحديثَ إلا بإسقاطه، وفي روايته أن عَمرو بن سُلَيم شَهِدَ على أبي سعيد، كما شَهِدَ أبو سعيد على النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا صريحٌ في أنه سمِعه من أبي سعيد بغير واسطة.
وذَكر الدارَقُطْني أن بُكَير بن الأَشَج زاد في إسناده:(عبد الرحمن بن أبي سعيد)، وهو- أيضًا- وهَمٌ منه. فالظاهرُ: أن إسقاط عبد الرحمن من إسناده هو الصواب، كما هي طريقة البخاري.
وأما أبو بكر بن المُنْكَدِر، فهو: أخو محمد بن المُنْكَدِر، وهو ثقةٌ جليل، ولم يُسَمَّ، كذا قاله البخاري ههنا، وأبو حاتم الرازي" (فتح الباري ٨/ ٨٥ - ٨٦).
وقال ابن المُلَقِّن:"والبخاري صحَّ عنده سماعُ عَمرٍو من أبي سعيد، فإن الشهادة لا تكون إلا بالسماع، وإنْ رواه مرةً عن ابن أبي سعيد عبد الرحمن، فيكون سمِعه منهما، وإنْ صحَّح الدارَقُطْنيُّ الأولَ"(التوضيح ٧/ ٣٩١).
وقال ابن حجر- بعد ذِكرِه أن الثابت عن بُكَير عدمُ إثبات (عبد الرحمن) -: "وغفَلَ الدارَقُطْني في العلل عن هذا الكلام الأخير، فجَزَم بأن بُكَيرًا وسعيدًا