للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولكن قد خالف أبا الأحوص جرير بن عبد الحميد، فرواه عن منصور عن إبراهيم مرسلًا. أخرجه ابن أبي شيبة في (مصنفه ١١٣٢)، وإسحاق بن راهويه في (مسنده ١٥٠٦) عن جرير، به.

وجرير بن عبد الحميد الضبي مِن أثبت أصحاب منصور؛ قال الدارقطني: "أثبت أصحاب منصور، الثوري، وشعبة، وجرير الضبي"، وقدَّمه ابن معين على شريك، وقَدَّم شريكًا على أبي الأحوص، وقال: "كم روى أبو الأحوص عن منصور؟ ! "، انظر (شرح علل الترمذي ٢/ ٧٢١).

وعليه: فترجح رواية جرير المرسلة على رواية أبي الأحوص المتصلة.

لاسيَّما ومتنُ حديث أبي الأحوص غريبٌ جدًّا؛ فلم يصحَّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم المداومة على الاستنجاء، بل لم يصحَّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه استنجى بالماء إلا في حديث أنس. فكيف يكونُ هذا ديدنه صلى الله عليه وسلم، ولا ينقل عنه ولا يشتهر.

وأعلَّه البوصيري بنحو ذلك؛ فقال: ((رواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي الأحوص به. وقد رُوي عن عائشةَ ما يُخالفُ هذا؛ رواه ابن أبي شيبة في (مصنفه) عن أبي أسامة عن عبد الله بن يحيى التوأم عن ابن أبي مليكة عن أبيه عن عائشة قالت: انْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَبُولُ، فَاتَّبَعَهُ عُمَرُ بِمَاءٍ، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا عُمَرُ؟ ! » فقال: مَاءٌ تَتَوَضَّأُ بِهِ. فَقَالَ: «مَا أُمِرْتُ كُلَّمَا بُلْتُ أَنْ أَتَوَضَّأَ، وَلَوْ فَعَلْتُ لَكَانَتْ سُنَّةً»)) (مصباح الزجاجة ١/ ٥٣).

قلنا: ولكن حديث ابن أبي مليكة هذا ضعيفٌ مسلسلٌ بالعللِ، كما بَيَّنَّاهُ في باب"من بال، ولم يمس ماء".

ثم إن حديثَ عائشةَ هذا -على فرضِ صحته-، يحتملُ أن يكونَ المرادُ منه الوضوء، ويحتملُ الاستنجاء، وهذا هو الذي فهمه ابن ماجه من