للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الواحدِ الذي رَواه! حسب قول ابن حبان بأنه "يُخطئُ"، ومع ذلك خرَّجَهُ ابنُ حِبَّانَ في (صحيحه)!

فإن قيلَ: ولكن قال البخاريُّ: "لم يُرْوَ عنه إلا هذا الحديث وحديث آخر، ولم يتابَعْ عليه"، فأثبتَ له حديثًا آخر لم يتابعْ عليه، فلعلَّ هذا هو الذي عَنَاهُ ابنُ حِبَّانَ بقولِهِ: "يُخطئُ".

قلنا: قوله: "هذا الحديث" عائدٌ على الأثرِ الموقوفِ في قصةِ الاستحلافِ، فهو المذكورُ قبله، وهو ما تعرَّضَ له البخاريُّ بعدُ بالاستنكارِ كما سيأتي، بينما لم يذكرِ المتنَ المرفوعَ، فالأقربُ أن البخاريَّ عَنَى بالحديثِ الآخرِ الحديثَ المرفوعَ، ويؤيده أن عامةَ النقاد وفيهم الترمذي -وهو تلميذُ البخاريِّ- وابنُ عَدِيٍّ وغيرهما- ذكروا أنه لا يُعرفُ إلا بهذا الحديثِ، وبالفعل لا يوجد له فيما بين أيدينا من الكتبِ المسندةِ سوى هذا الحديث.

ولو سَلَّمنا بأنَّ له حديثًا آخرَ، فكيفَ لرجلٍ أن يكون ثقةً، وقد أخطأَ في نصفِ ما رَوى؟ !

فإذا كان كلُّ ما رواه حديثين فقط! وأخطأَ في أحدهما، فهذا دليلٌ على غفلةٍ كبيرةٍ وسوءِ حفظٍ.

ثم إن قولَ البخاريِّ: "ولم يتابَعْ عليه" ليسَ صريحًا في أنه عَنَى به ذاك الحديث الآخر؛ ولذا تردد فيه الحافظ كما سيأتي، فإنه يحتمل أن المرادَ به حديثنا هذا وليس الآخر، وهذا ما ذكره العقيليُّ حيثُ رَوى عنِ البخاريِّ أنه قال: "لم يُرْوَ عن أسماء بن الحكم إلا هذا وحديث آخر، وقد رَوى عليٌّ عن عمرَ ولم يستحلفْهُ، وهذا حديثٌ لم يتابَعْ عليه"، فجعلَ عدم المتابعة لحديثنا هذا. وهو ما فهمه المزيُّ من كلامِ البخاريِّ وتعقبه -كما سيأتي- بأنه رُوي