من طرقٍ أخرى دون ذكر الاستحلاف. فتعقبه الحافظُ قائلًا:"لعلَّ البخاريَّ إنما أرادَ بعدم المتابعة في الاستحلاف، أو الحديث الآخر الذي أشارَ إليه"(تهذيب التهذيب ١/ ٢٦٨).
قلنا: الأولُ هو الظاهرُ من كلامِ البخاريِّ، وهو الذي جزمَ به البزارُ فقال:"وقولُ عليٍّ: (كُنْتُ امْرَأً إِذَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا ... ) إنما رواه أسماءُ بنُ الحَكمِ، وأسماءُ مجهولٌ لم يحدثْ بغيرِ هذا الحديث، ولم يحدثْ عنه إلا علي بن ربيعة، والكلام فلم يُرْوَ عن عليٍّ إلا من هذا الوجهِ"(المسند ١/ ٦٤).
ولا بدَّ من ذكرِ كلامِ البخاريِّ كاملًا، والوقوفُ معه لنعطي حُكمًا صَائبًا على حديثِ أسماءَ هذا، فقد قال رحمه الله:((أسماءُ بنُ الحكمِ الفَزاري سمع عليًّا، روى عنه علىّ بن ربيعة، يُعدُّ في الكوفيين، قال: كُنْتُ إِذَا حَدَّثَنِي رَجُلٌ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَلَّفْتُهُ، فَإِذَا حَلَفَ لِي صَدَّقْتُهُ. ولم يُرْوَ عن أسماء بن الحكم إلا هذا الواحد وحديث آخر ولم يتابعْ عليه، وقد روى أصحابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بعضُهم عن بعضٍ فلم يُحلِّفْ بعضُهم بعضًا. وقال بعض الفَزاريين: أن أسماءَ السُّلميَّ ليس بفزاري)).
فأعلَّ البخاريُّ الحديثَ بأمورٍ:
الأول: التفرُّدُ وعدمُ المتابعِ، وذلك بقولِهِ:"ولم يُرْوَ عن أسماءَ بنِ الحَكمِ إلا هذا الواحد، وحديث آخر، ولم يُتابَعْ عليه"، وأقرَّه على ذلك العقيليُّ في (الضعفاء ١/ ٢٧٢)، وابنُ عَدِيٍّ في (الكامل ٢/ ٣٧٦)، وأبو أحمدَ الحاكمُ في (الكنى ٤/ ٧٢، ٧٣)، والذهبيُّ في (الميزان ١/ ٢٥٦).
وكذا قال البزارُ -بعد أن ساقَ المتنَ المرفوعَ من طريقِ أحدِ المتروكين،