وقال المُنْذِريُّ:"وليس كما قال؛ فإنهم روَوْهُ عن يعقوبَ بنِ سلَمةَ اللَّيْثيِّ، عن أبيه، عن أبي هريرةَ. وقد قال البُخاريُّ وغيرُه: لا يُعرَفُ لسلَمةَ سماعٌ من أبي هريرةَ، ولا ليعقوبَ سماعٌ من أبيه. انتهى. وأبو سلَمةَ أيضًا لا يُعْرَفُ؛ ما رَوَى عنه غيرُ ابنِه يعقوبَ، فأين شرْطُ الصحةِ؟ ! "(الترغيب ٣١٧).
وقال النَّوَويُّ:"وأما قولُ الحاكمِ أبي عبدِ اللهِ في (المستدرَك على الصحيحين) في حديثِ أبي هريرةَ: أنه حديثٌ صحيحُ الإسنادِ، فليسَ بصحيحٍ؛ لأنه انقلبَ عليه إسنادُه واشتبه، كذا قاله الحُفَّاظُ"(المجموع شرح المهذب ١/ ٣٤٤).
وقال ابنُ دَقيقٍ:"ولْتَعْلَمْ أن مسلمًا لم يحتجَّ بيعقوبَ بنِ سلمةَ اللَّيْثيِّ عن أبيه، وهو راوي هذا الحديث، كذلك رواه ابنُ ماجَهْ من الجهةِ التي أخرجها الحاكمُ منها، وهي روايةُ ابنِ أبي فُدَيكٍ، فقال فيه: حدثنا محمدُ بنُ موسى بنِ أبي عبدِ اللهِ، عن يعقوبَ بنِ سلَمةَ اللَّيْثيِّ، عن أبيه، عن أبي هريرةَ. وكذلك رواه الدَّارَقُطنيُّ من جهةِ ابنِ أبي فُدَيكٍ. وفي روايةٍ نَسَبَ يعقوبَ بنِ سلَمةَ إلى اللَّيْثيِّ. ويعقوبُ بنُ سلَمةَ لم يحتجَّ به مسلم. فالذي نراه: أن الحديثَ ليعقوبَ بنِ سلَمةَ، وأنه وقعَ انتقالٌ ذهني من يعقوبَ بنِ سلَمةَ إلى يعقوبَ بنِ أبي سَلَمةَ، فيحتاج إلى معرفة حال أبيه أبي سَلَمةَ، واسمه دينار"(الإمام ١/ ٤٤٥، ٤٤٦).
وعلَّقَ ابنُ المُلَقِّنِ على كلامِ ابنِ دَقيقٍ، فقال:"وهذا متين، فقد كشفتُ كُتبَ الأسماءِ جرحًا وتعديلًا فلم أرَ (دينارًا) هذا، بل لم أرَ أحدًا قال: إن الماجِشُون يروي عن أبيه؛ فتَعَيَّنَ غلَطُ الحاكمِ، ولو صَحَّ لتوجَّهَ الاعتراضُ على الحافظِ عبد الغني، والصَّرِيفِينيِّ، وجمالِ الدِّينِ المِزِّيِّ، وتلميذِهِ الذَّهَبيّ، حيثُ لم يذكروا لوالدِ أبي سَلَمةَ في كتبهم ترجمةً" (البدر المنير