وقد أَعَلَّه الألبانيُّ بشيءٍ آخرَ، فقال -بعد أن خرَّجه من أمالي أبي موسى-: "هذا إسنادٌ ضعيفٌ، رجاله ثقات؛ لكن مكحولًا مدلسٌ، وقد عنعنه"(الضعيفة ٤٦٥٥).
قلنا: فظاهرُ هذا أنه عند أبي موسى من غيرِ طريقِ بكرِ بنِ سهلٍ؛ لأنه جَزَمَ بثقةِ رجالِهِ، وبكر ليس بثقةٍ كما تقدَّمَ.
فأما إعلاله بعنعنةِ مكحول، ففيه نظرٌ؛ فمكحول لم يَرْمِه بالتدليسِ سوى ابنِ حِبَّانَ، حيثُ قال فيه:"ربما دَلَّسَ"(الثِّقات ٥/ ٤٤٧)، وتَعقَّبَه أبو الوفا الحلبيُّ بقوله:"هو مشهورٌ بالإرسالِ عن جماعةٍ لم يلقهم"(التبيين ٧٧).
وهذا التَّعقُّبُ أخذه من العَلَائيِّ، حيثُ قال في ترجمة مكحول:"ذكره الحافظُ الذَّهَبيُّ بالتدليسِ، وهو مشهورٌ بالإرسالِ عن جماعةٍ لم يَلْقَهم"(جامع التحصيل ٥٣)، ومثله في (المدلسين لأبي زُرْعةَ العِراقي ٦٤).
وقال ابنُ حَجَرٍ في ترجمتِهِ:"وصفه بذلك (يعني: بالتدليس) ابنُ حِبَّانَ، وأطلقَ الذَّهَبيُّ أنه كان يدلسُ، ولم أره للمتقدمينِ إلا في قولِ ابنِ حِبَّانَ"(طبقات المدلسين ١٠٨).
قلنا: فالمعروفُ أن مكحولًا إنما كان يرسلُ عمن لم يسمعْ منَ الصحابةِ، فمثله يُنظر: هل سمعَ من الصحابيِّ؟ أم لا؟ فإن كان سَمِعَ حُكِم باتصاله، وإن كان لم يسمعْ حُكم بانقطاعه، وقد رجَّحنا أنه سَمِع من واثلة كما ذهبَ إليه جمهورُ النقادِ.
ثُمَّ قال الألبانيُّ أيضًا:"والعلاءُ بنُ الحارثِ -وهو الحضرميُّ الدمشقيُّ- كان اختلطَ، ولستُ أدري إذا كان ذِكْرُه في هذا الإسنادِ محفوظًا؛ فقد أورد الهيثميُّ هذا الحديث في (مجمع الزوائد)؛ وقال: "رواه الطَّبَرانيُّ في