كان قول ابنِ أبي خَيْثَمَةَ:((مثله)) دقيقًا في تماثلِ اللفظين، فكثيرًا ما يتجوزون ويتساهلون في هذا.
وإنما ساغَ عندنا اختصارهم ذلك، لأن الظاهرَ أن الجملةَ المختصرةَ إنما هي من استنباطِ ابنِ أبي لُبابةَ، إذ هو قائلها كما بيَّنَته روايةُ ابنِ أبي خَيْثَمَةَ بلفظ:((وَذَكَرَ أَنَّهُمَا أَفْرَدَا المَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ))، ففاعل "ذكر" هو شَقِيقُ بنُ سلمةَ، والقائل:"وذكر ... إلخ" هو عَبْدَةُ، يريد فيما يظهر: وذكر شقيق ما يفيد ذلك أو يدل عليه، وقد سبقَ أن عامرَ بنَ شَقِيقٍ روَى عن شقيقِ بنِ سلمةَ أنه قال:((رَأَيتُ عُثْمَانَ بنَ عَفَّانَ تَوَضَّأَ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَمَضْمَضَ [ثَلَاثًا]، وَاسْتَنْشَقَ [ثَلَاثًا] ... )) الحديثَ، وهذه هي الطريق الأخرى التي أشارَ إليها الألبانيُّ، والزيادةُ ثابتةٌ فيه من وجوهٍ، وقد رُوِيَ نحوه من طرقٍ أخرى عن عُثْمَانَ كما تقدَّم، وظاهره يدلُّ على الفصلِ بين المضمضةِ والاستنشاقِ كما قررناه فيما سبقَ.
وإذ تبينَ أن التصريحَ بالفصلِ هنا إنما هو من فَهْمِ راويه عَبْدةَ لسياقة شيخه، فلا يُنكَر تفرُّدُ ابنِ ثَوْبانَ بذلك، وعدم ذكر هذا التصريح في الرواياتِ الأخرى لعُثْمَانَ وعليٍّ رضي الله عنهما، والله أعلم.