وتَعقَّبَه ابنُ القَطَّانِ فقال:"لم يَعتَلَّ على هذا الحديثِ بأكثرَ من هذا. وحُكْمُه على قارظِ بنِ شَيْبةَ بأنه لا بأسَ به، وعلى الحديثِ بالضعفِ، يعين لتضعيفه أبا غَطَفان، لإبرازه إيَّاه، وأبو غطفان، هو ابنُ طَرِيف المُرِّي ... ، أخرجَ لَهُ مسلمٌ رحمه الله. وقال عبَّاسٌ الدُّوريُّ: سمعتُ ابنَ مَعِينٍ يقول فيه: "ثقة" ... ، وقارظ بن شَيْبة .. قال النَّسائيُّ: لا بأسَ به. ولا يُسألُ عن بقيةِ الإسنادِ؛ فإنهم أئمةٌ. ووظيفةُ المحدِّثِ النظرُ في الأسانيدِ، من حيث الرواةُ والاتصال والانقطاع، فأما معارضة هذا المتن ذلك الآخر، وأشباه هذا، فليس من نظره، بل هو مِن نظرِ الفقيهِ، وإذا نظر به الفقيه تبين له خلاف ما ذكر"(بيان الوهم ٥/ ٣١٦، ٣١٧).
وأقَرَّه ابنُ دَقيقٍ في (الإمام ١/ ٤٧٧)، وابنُ حَجَرٍ في (التلخيص ١/ ١٤٠) حيث قال: "صَحَّحَهُ ابنُ القَطَّانِ"، ولم يَتعَقَّبْه بشيءٍ.
بيْنما تَعَقَّبَه مُغْلَطايُ، فقال:"يشبه أن يكونَ لكلامِ أبي محمدٍ وجْهٌ، وذلك أن الدَّارَقُطنيَّ ذكرَ عنِ ابنِ أبي داودَ: "أبو غَطَفانَ رجلٌ مجهولٌ"، فيحتمل أن يكون ذلك هو الذي اعتلَّ به على الحديثِ، وكلام أبي الحسن يُفهمُ منه أن أبا غَطَفان الراوي عنِ ابنِ عبَّاسٍ وأبي هريرةَ واحدٌ، وذاك هو الملجئ له إلى نقلِ كلامِ مَن وَثَّقَهُ، وليس هو بأبي عُذْرةِ ذلك، فقد قاله قبله ابنُ أبي حاتم وأبو عُمرَ وغيرهما، وأما الحافظُ أبو بكرٍ البَزَّارُ فإنه فرَّقَ بينهما، وزعمَ أن المُرِّيَّ روى عن أبي هريرةَ وأبا غَطَفانَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ، ويرجِّحُ ذلك قولُ ابنِ مَعِينٍ: "أبو غطفان الذي روى عنه داودُ بنُ حُصين ثقة"، فيحتمل أن عبدَ الحَقِّ لما رأى ذلك وما أسلفناه، ورأى حديثَهُ مخالفًا لحديثِ غيرِهِ منَ الثِّقاتِ، توهَّمه المجهول لا الموثَّق، والله أعلم"(شرح ابن ماجَهْ ١/ ٣٦٢).