حدثنا أبو أميةَ [محمدُ بنُ إبراهيمَ]، قال: ثنا محمدُ [بنُ سعيدِ] بنِ الأصبهانيِّ، قال: أنا شريكٌ، عن السُّديِّ، عن عبدِ خَيرٍ، عن عليٍّ رضي الله عنه أنه تَوَضَّأَ فَمَسَحَ عَلَى ظَهْرِ القَدَمِـ[ـينِ] وقال: ((لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ، لَكَانَ بَاطِنُ القَدَمِ أَحَقَّ مِنْ ظَاهِرِهِ)).
والسُّديُّ هو إسماعيلُ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ أبي كريمةَ، مختلفٌ فيه، وقد رَوى له مسلمٌ، وقال فيه ابنُ حَجرٍ:((صدوقٌ يهمُ)) (التقريب ٤٦٣)، فهو حسنُ الحديثِ ما لم يخالفْ، وقد خُولِفَ ممن رواه عن عبدِ خَيرٍ وذكره بلفظ الغسل، ولكن ليس الوهم هنا من قِبله، وإنما من قِبل شَريكٍ، وهو النَّخَعيُّ، فإنه سيئُ الحفظِ كما سبقَ مرارًا.
وهذه السياقةُ مختصرةٌ، فقد رواه أحمدُ (٩٤٣) عن إسحاقَ بنِ يوسفَ الأزرقِ عن شَريكٍ عن السُّديِّ، عن عبدِ خَيرٍ، قال: رَأَيْتُ عَلِيًّا دَعَا بِمَاءٍ لِيَتَوَضَّأَ، فَتَمَسَّحَ بِهِ تَمَسُّحًا، وَمَسَحَ عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:((هَذَا وُضُوءُ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ))، ثُمَّ قَالَ:((لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ؛ رَأَيْتُ أَنَّ بُطُونَهُمَا أَحَقُّ))، ثُمَّ شَرِبَ فَضْلَ وَضُوئِهِ وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ قَالَ:((أَيْنَ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَشْرَبَ قَائِمًا؟ ! )).
فَتَبَيَّنَ بهذا أن المسحَ على القدمِ في حديثِهِ هذا إنما هو للطاهرِ ما لم يُحدثْ، وهذا الحديثُ بهذه السياقةِ محفوظٌ عن عليٍّ رضي الله عنه من روايةِ النَّزَّالِ بنِ سَبْرَةَ دونَ قوله:((لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ، رَأَيْتُ أَنَّ بُطُونَهُمَا أَحَقُّ))، فهذه الزيادةُ من أوهامِ شَريكٍ، وقد رُوي عن الثوريِّ عن السُّديِّ عن عبدِ خيرٍ، دونَ هذه الزيادةِ، قال الدارقطنيُّ:((وقولُ الثوريِّ أصحُّ))، انظر تحقيقنا له في:(باب صفة الوضوء من غير حدث).