للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

روايتان لحديثٍ واحدٍ، وذلك ظاهر من سياقتيهما.

فإن قلنا: إن حديثَهما مختصرٌ من حديثِ خالدِ بنِ علقمةَ ومَن تَابَعَهُ عن عبدِ خَيرٍ في صفةِ الوُضُوءِ -وفيه غسل القدمين-، فترجح رواية أبي الأحوص ومَن تابعه على الغسلِ هنا كما رجحت رواية الغسل في حديث المسيب!

وإن قلنا: إن حديثَهما حديث آخر غير حديث خالد بن علقمة ومَن تَابَعَهُ عن عبدِ خَيرٍ في صفةِ الوضوء، فلا دخلَ لحديثِ خالدٍ في الترجيحِ بين الرواياتِ المختلفةِ في حديثِهما، وإنما نعين الوجه الثابت من جهة سند هذا الحديث.

ثم إن تعارَضَ هذا الوجه مع حديثِ خالدٍ، نُعمل الترجيح بين الحديثين حينئذٍ.

وقد نظرنا في الرواياتِ المختلفةِ من جهةِ السندِ، فَتَبَيَّنَ أنَّ الثابتَ منها هو رواية غسل القدمين، وهي موافقةٌ لحديثِ خالدٍ والحمد لله، ويبدو أن عُذْرَ الدارقطنيِّ أنه عند ذكر الخلافِ على أبي إسحاقَ في لفظِ الحديثِ، لم يتعرضْ لروايةِ الغسلِ في حديثِهِ أصلًا.

هذا ولم يفطنِ ابنُ الجوزيِّ لاتِّحَادِ مخرج هذه الروايات المختلفة، فقال: "لا شَكَّ أن حديثَ عليٍّ عليه السلام انقلبَ على الراوي، فأرادَ أن يقولَ بالمسحِ فقال بالغَسلِ، فإن عبدَ خَيرٍ روى عن عليٍّ عليه السلام أنه كان يقول: ((لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ كَانَ بَاطِنُ الْخُفَّيْن أَوْلى بالمسْحِ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ ظَاهِرَهُمَا)) (إعلام العالم/ صـ ٩٣).

وقال أبو بكرٍ الحميديُّ -ورواه بلفظ: ((يَمْسَحُ ظُهُورَ قَدَمَيْهِ)) -: "إن كان على الخُفَّينِ فهو سُنَّةٌ، وإن كان على غيرِ الخُفَّينِ فهو منسوخٌ" (المسند عقب