وقال ابنُ عبدِ البرِّ:"مِن أهلِ العلمِ مَن يحملُ هذا على المسحِ على ظُهُورِ الخُفَّينِ ويقول: معنى ذكر القدمين هاهنا أن يكونا مغيبين في الخُفَّينِ، فهذا هو المسحُ الذي ثبتَ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِعْلُهُ، وأما المسحُ على القَدَمَيْنِ فلا يصحُّ عنه بوجهٍ منَ الوُجُوهِ.
ومَن قالَ: إن هذا الحديثَ على ظاهرِهِ. جعله منسوخًا بقولِهِ صلى الله عليه وسلم:«وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ».
والذي تأولتُه في حديثِ عليٍّ هذا أنه أرادَ بذكرِ القدمينِ إذا كانا في الخُفَّينِ قد جاءَ منصوصًا من طريقٍ جيد" (التمهيد ١١/ ١٤٩)، ثم ساقَهُ من طريقِ أبي داودَ عن أبي كُريبٍ به.
وتعرَّض الألبانيُّ لرواياتِ هذا الحديثِ في (صحيح أبي داود ١/ ٢٨٨ - ٢٩٤) وصحَّحَها كلها، مع أنه لما تعرَّضَ لإحداها -وهي رواية المسح على النعلين- قال:"في إسنادِهِ عند الدارميِّ: أبو إسحاقَ، وهو السبيعيُّ، وهو مدلسٌ مع اختلاطِهِ، وقد رواه عن عبدِ خَيرٍ معنعنًا، وخالفه خالدُ بنُ علقمةَ الهمدانيُّ -وهو ثقةٌ- فرواه عن عبدِ خَيرٍ بلفظ:((غَسَلَ رِجْلَهُ اليُمْنَى ثَلَاثًا وَرِجْلَهُ الشِّمَالَ ثَلَاثًا)) "(تحقيق المسح على الجوربين والنعلين، صـ ٥٠).
قلنا: فكان يجبُ أن يكونَ هذا هو نفسَ مصير سائر الروايات الأخرى عن أبي إسحاقَ، إلا رواية الغسل فإنها موافقةٌ لروايةِ خالدٍ كما بَيَّنَّا.
[تنبيه]:
روى البيهقيُّ في (المعرفة ٢٠٨١) حديث أبي السوداء عن عبد خير بلفظ: ((تَوَضَّأَ عَلِيٌّ فَغَسَلَ ظَهْرَ قَدَمَيْهِ، وقال: لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَمْسَحُ