للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويشبه صنيع البزار هذا صنيع الدارقطني أيضًا، فقد سُئِلَ عنِ الحديثِ باللفظِ الذي رواه شعبةُ عندَ الترمذيِّ وغيرِهِ، فقال: "يرويه الأعمشُ، واختُلِفَ عنه؛ فأسندَهُ زهيرُ بنُ معاويةَ، عن الأعمشِ. وتَابَعَهُ شعبةُ من روايةِ عبدِ الصمدِ، وعفان عنه، وغيرهما لا يرفعه عنه. وكذلك رواه أبو معاويةَ، عن الأعمشِ موقوفًا" (العلل ١٩٣٣).

قلنا: ولم نقفْ على روايةِ أبي معاويةَ بهذا اللفظِ، بل الذي وقفنا عليه ما رواه ابنُ أبي شيبةَ في (المصنف ٢٥٤١٩) تحت باب: (بأي الرَّجلين يبدأُ إذا لبسَ نعليه؟ )، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: ((إِذَا لَبِسْتَ فَابْدَأْ بِاليُمْنَى، وَإِذَا خَلَعْتَ فَابْدَأْ بِاليُسْرَى)). وسياقَهُ يدلُّ على أنَّ المرادَ النَّعْلَ، كما بوَّبَ عليه ابنُ أبي شيبةَ.

فمما سبقَ يظهرُ أن الحديثين عند البزارِ والدارقطنيِّ حديثٌ واحدٌ، بل وعند غيرهما، فقد قال مغلطايُ -عقب الحديث-: "وخَرَّجَ ابنُ خُزيمةَ وابنُ حِبَّانَ في (صحيحيهما) قطعةً منه، عن نصرِ بنِ عليٍّ، نا عبدُ الصمدِ، نا شعبةُ، عن الأعمشِ به: ((إِذَا لَبِسَ قَمِيصًا بَدَأَ بِمَيَامِنِهِ)) " (شرح ابن ماجه ١/ ٣٥٠).

ولعلَّ لهذا عزا غيرُ واحدٍ منَ العلماءِ حديث زهير الذي هو من قولِهِ صلى الله عليه وسلم إلى (سنن الترمذي)، رغمَ أنَّ الحديثَ عندَه إنما هو من فعلِهِ صلى الله عليه وسلم ولذا تعقب ابنُ الملقنِ النوويَّ والمنذريَّ في ذلك فقال: "لم يروه الترمذيُّ بالكليةِ؛ ذاك حديثٌ آخر رواه الترمذيُّ"، وساقَ لَفْظَهُ، (البدر المنير ٢/ ٢٠١).

وكذا عزا ابنُ حَجرٍ حديث زهير للترمذيِّ والنسائيِّ في (البلوغ ٤٥) حيث قال: "أخرجه الأربعةُ".