مرسلًا، ورواه حسان بن إبراهيم متصلًا"، ثم أسنده من طريق حسان وحَكَم عليه بالغرابة كما سبق، والغرابة هنا يراد بها النكارة، والله أعلم.
* وأما ابن عدي، فأشار إلى هذه المخالفة، حيث أتبع رواية حسان المسندة برواية وكيع المرسلة، ثم قال - بعد أن ذكر له غير ما حديث -: "ولحسان حديث كثير، وقد حَدَّث بإفرادات كثيرة عن أبان ... ، وسائر الشيوخ، فلم أجد له أنكر مما ذكرته من هذه الأحاديث، وحسان عندي من أهل الصدق إلا أنه يغلط في الشيء، وليس ممن يُظن به أنه يتعمد في باب الرواية إسنادًا أو متنًا، وإنما هو وهمٌ منه، وهو عندي لا بأس به" (الكامل ٢/ ٣٧٥).
وأما الألباني، فحكم عليه في (الضعيفة ٦٤٧٩) بأنه حديث منكر، وعلل ذلك بما ذكرناه آنفًا، ورجع عن تصحيحه له في (الصحيحة ٢١١٨) مبينًا أن هذا أمر لا يخلو منه أحد "كما لا يخفى على المشتغلين بهذا العلم الشريف - خلافًا لبعض الجهلة الأغرار -، كمثل أن يضعف حديثًا ما لضعفٍ ظاهر في إسناده، ثم يصححه في مكان آخر لعثوره على طريق أو طرق أخرى يتقوى الحديث بها، وعلى العكس من ذلك يقوي حديثًا ما - تصحيحًا أو تحسينًا - جريًا على ظاهر حال إسناده، ثم ينكشف له أن فيه علة تقدح في قوته".
واستئنس لذلك بقول الحافظ الذهبي في معرِض كلامه عن الحديث الحسن: "فكم من حديث تردد فيه الحفاظ، هل هو حسن أو ضعيف أو صحيح؟ بل الحافظ الواحد يتغير اجتهاده في الحديث الواحد، فيومًا يصفه بالصحة، ويومًا يصفه بالحسن، ولربما استضَعَّفه - وهذا حق -، فإن الحديث الحسن يستضَعَّفه الحافظ عن أن يُرَقِّيَه إلى رتبة الصحيح، فبهذا الاعتبار فيه ضعف ما، إذ الحسن لا ينفك عن ضعف ما، ولو انفك عن ذلك لصح باتفاق"